الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التنازع بين المحكمة الإتحادية ومحكمة التمييز

بواسطة azzaman

التنازع بين المحكمة الإتحادية ومحكمة التمييز

ادهم ابراهيم

 

منذ سقوط النظام السابق واحتلال العراق عام 2003، شهدت البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي أثّرت بشكل مباشر على مختلف مؤسسات الدولة، بما في ذلك السلطة القضائية. وعلى الرغم من أن المحكمة الاتحادية العليا تُعدّ أعلى سلطة دستورية في العراق، إلا أنها فشلت في كثير من الأحيان في ترسيخ الاستقرار السياسي والدستوري.

وفقًا لدستور جمهورية العراق لعام 2005، وتحديدًا المادة (94)، فإن «قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة لجميع السلطات». كما حدّد الدستور مكونات السلطة القضائية الاتحادية.

وهي: مجلس القضاء الأعلى، المحكمة الاتحادية العليا، محكمة التمييز الاتحادية، جهاز الادعاء العام، هيئة الإشراف القضائي، إضافة إلى المحاكم الأخرى التي تُنظّم بقانون. غير أن عدم توصل البرلمان إلى تشريع قانون المحكمة الاتحادية بسبب الخلافات السياسية العميقة، أفضى إلى فراغ قانوني زاد من تعقيد المشهد القضائي.

برزت الأزمة القضائية بشكل جليّ حين أقدمت محكمة التمييز الاتحادية – ولأول مرة – على إلغاء حكم صادر عن المحكمة الاتحادية العليا. ففي الدعوى المرقمة (155/الهيئة الموسعة المدنية/2025)، قضت محكمة التمييز ببطلان قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي ألغى المادة (35/ثامناً) من قانون التقاعد الموحد لسنة 2014 (المعدل)، بدعوى مخالفته الإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية. واستندت محكمة التمييز إلى كونها الهيئة القضائية العليا المشرفة على جميع المحاكم، بما فيها المحكمة الاتحادية، وذهبت إلى تحديد اختصاص المحكمة الاتحادية بالمسائل الدستورية فقط، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والسياسية.

هذا الصراع بين المحكمتين لم يكن قانونياً بحتاً، بل يعكس في جوهره الصراع السياسي المتأصل داخل النظام العراقي. وقد تجلّى ذلك في قرارات مثيرة للجدل أصدرتها المحكمة الاتحادية، أبرزها قرارها في عام 2022 بمنع وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري من الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، بسبب وجود دعاوى فساد إداري ومالي بحقه، وقرارها بإلغاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بتهمة التزوير، رغم أن القضاء المختص لم يبت في القضية.

وقبل ذلك، واجهت المحكمة انتقادات واسعة بسبب تدخلها في مسار العملية السياسية، مثل قرارها عام 2010 الذي مهد لإعادة تعيين نوري المالكي رئيسًا للوزراء، رغم فوز قائمة إياد علاوي بأغلبية المقاعد.

حيث فسّرت المحكمة حينها أن الكتلة الأكبر لا تعني بالضرورة الكتلة الفائزة في الانتخابات، بل تلك التي تتشكل بعد انعقاد البرلمان، وهو تفسير أثار شكوكاً حول مدى حياد المحكمة وتأثرها بالأحزاب النافذة.

لطالما وُجّهت للمحكمة الاتحادية تهم بالتسييس والخضوع لضغوط القوى المتنفذة، وهو أمر يطرح تساؤلات خطيرة حول استقلال القضاء في بلد تهيمن عليه فصائل مسلحة، وتفتقر مؤسساته لاحتكار السلاح، وتعاني من تفشي الفساد.

وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب تحقيق مبدأ استقلال القضاء، الذي يُعد ركيزة أساسية لأي دولة حديثة.

ومع تقويض العدالة وانتشار المحسوبية، تضعف هيبة الدولة وتفقد منظومة الحكم شرعيتها، ما يهدد مستقبل البلاد واستقرارها .

 

 

 

 

 


مشاهدات 57
الكاتب ادهم ابراهيم
أضيف 2025/06/14 - 3:56 PM
آخر تحديث 2025/06/15 - 12:52 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 331 الشهر 9772 الكلي 11144426
الوقت الآن
الأحد 2025/6/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير