الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تدابير بناء الثقة في الشرق الأوسط بين الفشل وفرص النجاح

بواسطة azzaman

تدابير بناء الثقة في الشرق الأوسط بين الفشل وفرص النجاح

عماد علو الربيعي

 

المقدمة

شكلت منطقة الشرق الأوسط منطقة ملتهبة بالصراعات المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، الأمر الذي انعكس بوضوح على أمن واستقرار المنطقة، مما عرقل وأعاق عملية التنمية المستدامة في بلدانها التي تتوافر على ثروات طبيعية عدة في مقدمتها البترول. ويعزو البعض تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط إلى عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية، بالإضافة إلى التدخلات الخارجية، والتوترات المذهبية والدينية والعرقية، الا أن بؤرة الصراع الرئيسة التي فرضت نفسها منذ منتصف القرن الماضي في الشرق الأوسط، كانت ولا تزال الأزمة الفلسطينية التي تشكل نقطة تضارب رئيسية، بين القوى الإقليمية والدولية.

تراجع تدابير بناء الثقة في الشرق الأوسط

لاحت في الأعوام القليلة الماضية، مؤشرات سعي دول الشرق الأوسط والدول الغربية لاتخاذ المزيد من تدابير بناء الثقة بين دول منطقة الشرق الأوسط نفسها والدول الغربية أيضا»، عبر عدة مسارات مثل اتفاقات التطبيع الإقليمي (الاتفاقات الابراهيمية)، والمصالحات الخليجية، وإعادة استئناف العلاقات السعودية-الإيرانية، وتحسن العلاقات التركية – المصرية، وعودة العراق للحاضنة العربية، جاءت عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023 لتقطع هذا المسار، لتتخذها إسرائيل مبررا» لشن حرب إبادة إسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بدعم مطلق وغير محدود من قبل الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوربية، لتعود الازمة الفلسطينية الى من جديد وتفرض نفسها كأزمة محورية في افشال كل تدابير بناء الثقة في الشرق الأوسط أن بقت دون حل واضح يرضي جميع الأطراف، التي امتدت اليها نيران هذه الحرب الازمة كلبنان والعراق وسوريا، حتى بلغت منطقة البحر الأحمر، مع هجمات الحوثيين في اليمن على السفن المارة بالمنطقة، رداً على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وبات التفكير بشكل جدي وسريع للتفكير والسعي من جديد للبحث عن تدابير جديدة وفعالة لبناء الثقة، بين اطراف الصراع في منطقة الشرق الأوسط ومنع الأعمال العدائية وخفض التصعيد والتوتر العسكري وبناء الثقة المتبادلة بين الدول المنخرطة في الصراعات التي باتت تبدو مستدامة في منطقة الشرق الاوسط.

هل من تدابير جديدة لبناء الثقة؟

لا تبدو البيئة الإقليمية في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، في مسار إيجابي لتدابير جديدة لبناء الثقة خصوصا» بعد فشل واضح في سياسات تجميد القضية الفلسطينية، لاسيما بعد الانكشاف الواضح للانحياز المطلق للدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية الى جانب السياسة العدائية الإسرائيلية، التي خلفت احباطا» في الوعي الجماعي لدى بعض المجتمعات العربية وحتى الغربية، إثر عدم ردع إسرائيل أو تحجيم عدوانها، وهو ما قد يتحول إلى مصدر مستقبلي لتغذية التطرف العنيف أو الدفع باتجاه عودة ظاهرة الانقلابات العسكرية. وسيكون من الصعب جدا» الذهاب الى تدابير جديدة لبناء الثقة في سياسات القوى الغربية المنحازة لإسرائيل بشكل مطلق، فضلا» عدم الثقة بآليات ومؤسسات النظام الدولي، كالأمم المتحدة والقانون الدولي وغيرها التي عجزت عن وقف المأساة الفلسطينية، الأمر الذي اعطى انطباعا» بانهيار قواعد النظام الدولي في وقت تتصاعد في حدة التوترات في العالم على هامش التنافس بين الولايات المتحدة والصين. كل ذلك يثبت ان العودة الى البحث عن تدابير جديدة لبناء الثقة في الشرق الأوسط لابد أن يرتبط حتما» بإيقاف العنف والابادة الجماعية للفلسطينيين، والإسراع بإقرار تسوية سلمية عادلة تسمح للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة.

الخاتمة

لم يعد خافيا» أن استعادة الثقة بين دول ومجتمعات الشرق الاوسط والغرب أمر يتطلب مراجعة العوامل والأسباب الي أدت الى تفاقم هذا الشعور المجتمعي والسياسي بفقدان الثقة بين الأطراف الإقليمية في الشرق الأوسط والغرب الذي يدعي بانه يشعر ـ سواء كان هذا الشعور وهما أو حقيقة ـ بأنه مهدد من جانب المجتمعات الشرق الأوسطية. كل ذلك يستدعي الحوار بين الشرق والغرب، في اطار من الاحترام المتبادل، بما يهيئ الفرصة لتعرف كل جانب على الطرف الآخر وتفهم مواقفه وظروفه. كما أن تدابير بناء الثقة بين دول الشرق الأوسط نفسها، ينبغي أن تركز على البحث عن فرص التعاون المشترك، في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية والانطلاق إلى دوائر أوسع تشمل التعاون على إرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة.

 

 لواء ركن متقاعد

 

 

 

 


مشاهدات 116
الكاتب عماد علو الربيعي
أضيف 2025/06/10 - 2:37 PM
آخر تحديث 2025/06/15 - 2:17 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 329 الشهر 9770 الكلي 11144424
الوقت الآن
الأحد 2025/6/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير