الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لأبو لأبو ابو

بواسطة azzaman

لأبو لأبو ابو

ضرغام سعدي

 

تنحدر الثقافة المجتمعية في مفرداتها وأسلوب حياة أفرادها وتعبيرهم عن وجودهم عندما يحتل اعلى مراتب مؤثريهم الاجتماعيين باشخاص تافهين والأدهى اعتبارهم رموز ويتقمص الناس شخصياتهم وجدانياً بأسلوب ابعد ما يكون عن الرقي والوعي وبأسلوب اقرب للموضا والتريندات الجوفاء دونما وعي بخطورة ذلك على المستقبل او التحسب لما سيثيره السلوك المبني على التفاهة للأجيال .

ولأنها تصدر من مجتمعات توصف بالمتقدمة فما بالك بمن هم في ذيل الترتيب الأممي للحضارات او الامم او الشعوب اذ تصبح ذات الأمة وشعبها لعبة قبل ان يقتني ابناؤها (لابوبو) اللعبة الأشهر الان. ومن خلال مراجعة بسيطة لتاريخ الألعاب خلال 30 سنة مضت نجد أمثلة أصبحت في فترات متعاقبة نموذج عن ثقافة او تعبير عنها للأسف دونما الأخذ بالاعتبارات آنفة الذكر ومن تلك الألعاب نذكر (تشاكي) (تسعينيات القرن الماضي) وهو شخصية خيالية شريرة ظهرت في سلسلة افلام أمريكية كقاتل متسلسل سيئ السمعة تسكن روحه دمية «الرجل الطيب» وتحاول باستمرار نقل روحه من الدمية إلى جسم إنسان. وقد أصبحت الشخصية وقتها واحدة من أكثر رموز الرعب تميزًا. وفي عام 1999، تم ترشيح شخصية تشاكي لجائزة MTV Movie Award لأفضل وغد عن فيلم Bride of Chucky.

ثم تظهر لنا دمية اخرى تاخذ حيز في الفراغ الثقافي المجتمعي العالمي وهي باربي بلونها الأنثوي المميز (الوردي) لتصبح فيها بعد أيقونة للجسم الأنثوي المثالي ونموذج يحتذى به للمرأة حول العالم على حساب عقلها وعطاؤها او أدوارها الاجتماعية والتربوية داخل اسرتها او في مجالات العمل ايضا لم تقتصر اللطافة المستدعاة او المفروضة على مجسم بشري فقد اشتهر الدب تيدي كلعبة انتشرت في العالم، وقد حاز على قلوب الأطفال بسرعة كبيرة، وبقي هناك حتى يومنا هذا، وهو دمية على شكل دب، مصنوعة من القماش المحشو بالقطن، اختُرعت في أوائل القرن العشرين في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، سُمّي الدب تيدي، تيمنًا بالرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت، الذي كان يُطلق عليه اسم تيدي بين العامة ولك ان تتخيل ان دمية تعبر عن رئيس دولة تسمى عظمى من اجل تسويقها.

ايضا براتز هي دمية ظهرت 2001، لكنها لم تحقق مبيعات جيدة في بداية أشهر تصنيعها، حتى عام 2006، اذ بيعت 125 مليون دمية براتز حول العالم وهنا يتبين لك أن اللعبة ليست ثقافة شعبية غايتها الترفيه فقط بقدر هي تسويق لفكرة الترفيه بذاته كسلعة رغم تفاهتها مع قناعتنا بأهمية الترفيه لا أولويته.

والقائمة تطول بأسماء الدمى الترني حول العالم مثل الصبارة الراقصة والهاكي واكي وكلها بالمجمل تصنع لغايات ترفيهية في الظاهر ولكنها تصدير للتفاهة اولاً وتجميل لصورة المشاهير الذين يسوقون بها ثانياً دونما التفات للألعاب الجماعية الذهنية والبدنيّة او ذات الطابع الجماعي المجتمعي والتي يمكن إذا نظمت في مسابقات وطنية تاخذ طابعها التراثي او الفلكلوري المتميز.

ان ركوب الترند بلعبة لابوبو والاعتماد على مبدأ الندرة النسبية للفكرة الذي اعتمده شركة "بوب مارت" المصنعة للدمية هي إستراتيجية تسويقية ذكية قائمة على الإصدارات المحدودة والندرة، كما حدث مع دمى "بيني بيبيز" (Beanie Babies) في التسعينيات. كل دفعة جديدة تصدر بعد حملة تسويقية، ثم تُسحب بسرعة من الأسواق، مما يرفع الطلب بشكل كبير ويحوّل سوق المقتنيات إلى جزء أساسي من إستراتيجية الشركة والتي حققت 1.6 مليار دولار ايام.

ان تسويق المنتج على جمهور ذو خصائص متخصصة (اطفال) وإلى (بالغين) ايضا يجعل كل بضاعة يمكن تمريرها رغم اختلاف مقتنيها وسماتهم الشخصية او أعمارهم وهذا ما دفع المشاهير إلى مطاردة الترند لتسويق انفسهم اولاً واللعبة ثانياً وهذا ما دفع فرقة "بلاك بينك" (BLACKPINK) وريانا، اللتين شوهدتا مع دمى لابوبو تتدلى من حقائبهما الفاخرة، مما دفع ملايين المتابعين إلى اقتنائها. الاقتناء على حساب الحاجة او العمر او الموضة او السياسة او حتى الخرافة وسط موجات من الشراء المفرط او عزاء للبالغين او مهرب لهم من طفولة مفقودة او تعويض لها مع قناعتهم بأن الشركات المصنعة غايتها البيع والربح ثم الربح ثم الربح ثم لأبو جيب المشتري لأبو ابو …

 

جامعة الكوفة / النجف

 


مشاهدات 96
الكاتب ضرغام سعدي
أضيف 2025/06/14 - 4:54 PM
آخر تحديث 2025/06/15 - 11:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 9710 الكلي 11144364
الوقت الآن
الأحد 2025/6/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير