105اعوام على أولى روايات أجاثا كريستي

غفران حداد

وُلدت أجاثا كريستي باسم أجاثا ماري كلاريسا ميلر في ديفون، إنجلترا، عام ١٨٩٠. كان والدها سمسار بورصة أمريكيًا. كانت أجاثا أصغر ثلاثة أبناء. بعد عملها ممرضة خلال الحرب العالمية الأولى، تزوجت من آرتشي كريستي، وهو طيار في سلاح الجو الملكي.

بدات كريستي كتابة الرواية الأولى، "قضية ستايلز الغامضة "، عام1916 ،  أثناء تطوّعها في مستوصف مستشفى توركواي خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918).  ونشرتها بعد انتهاء الحرب عام 1920. قدمت الرواية شخصية هرقل بوارو ، إحدى أكثر شخصيات كريستي خلودًا

 وقد أدّت معرفتها بالأدوية، نتيجةً لذلك، إلى أن أصبح السمّ، بطبيعة الحال، أسلوب القتل المُستخدم في روايتها الأولى. بعد رفضها من قِبل ستة ناشرين، قُبلت مخطوطة "قضية ستايلز الغامضة" أخيرًا من قِبل جون لين ودار بودلي هيد للنشر بعد أربع سنوات من إتمامها

تبدأ الرواية عندما يُعاد هاستينغز إلى إنجلترا من الحرب العالمية

الأولى بسبب إصابة، فيدعوه صديقه القديم جون كافنديش لقضاء إجازته المرضية في قصر ستايلز الجميل. هنا، يلتقي هاستينغز بزوجة والد جون، السيدة إنغلثورب، وزوجها الجديد ألفريد. على الرغم من هدوء الأجواء، يبدأ هاستينغز بإدراك أن كل شيء ليس على ما يرام. عندما تُعثر على السيدة إنغلثورب مسمومة، تحوم الشكوك حول العائلة.

ودخلت الكاتبة  في عالم الرومانسية والشعر وكتب الأطفال والسير الذاتية وكتابة المسرحيات. وقد ساهم كل ذلك في إثراء ذخيرتها الأدبية، التي تضم أكثر من 130 عملاً منشوراً

 في عام 1939، نشرت رواية"ثم لم يبق احد" بموضوعها المظلم وقصتها المروعة، يمكن اعتبار رواية " ثم لم يبق أحد" قمة الإبداع السردي، حيث تُفحص العدالة والجريمة، والذنب والبراءة جنبًا إلى جنب مع الجوانب المظلمة لوجودنا البشري. إنها واحدة من أكثر روايات الغموض إقناعًا على الإطلاق، وهي تتويج لأعمال كريستي. تبدأ حبكة الرواية بعشرة غرباء، كل منهم مدعو - لأسباب مختلفة - إلى مكان يُسمى جزيرة الجندي، وهي صخرة قبالة سواحل إنجلترا. عند وصولهم، يُستقبلون بتسجيل غراموفون يتهم كل ضيف بجريمة قتل محددة: جريمة أفلت من العدالة بسببها. يكتشف الضيوف أن لا أحد منهم يعرف الشخص الذي يُفترض أنه دعاهم، وأن المضيف نفسه لم يعد موجودًا. تسود حالة من الهياج بعد وفاة أحد الضيوف على العشاء ثم آخر في منتصف الليل. يرتفع عدد الجثث مما يجبر الضيوف المتبقين على أن يصبحوا أكثر جنونًا ببعضهم البعض،

على مدار القرن الماضي، انجذب القراء إلى أسلوب كريستي الفني لما تتميز به من صيغة مألوفة عرفوها وثقوا بها. كروائية متخصصة في قصص الجريمة، تحتوي كل قصة على ألغاز كثيرة تجعل كل حبكة مشوقة ومثيرة للحماس. وكان  أبرز ما في مسيرتها الأدبية

 روايات (جريمة قتل روجر أكرويد، 1926)، (خطر في منزل النهاية، 1932)،(خمسة خنازير صغيرة، 1943),(البيت الملتوي، 1949),( إعلان عن جريمة قتل, 1950) وتبدأ احداث الأخيرة في قرية تشيبينغ كليغهورن،حيث تُعلن إحدى الصحف المحلية عن جريمة قتل في إعلاناتها الصغيرة. وبينما يجتمع أصدقاء الآنسة بلاكلوك لما يتخيلونه بشغف أنها لعبة قمار، تبدأ مؤامرة جريمة قتل متقنة. كانت هذه الرواية الخمسين لكريستي، ولا تزال أروع أعمال الآنسة ماربل. تتميز هذه الرواية أيضًا بأحداثها في بريطانيا ما بعد الحرب (وهو عامل أساسي في الحبكة)، ويمكن القول إنها آخر روايات كريستي التي حُبكت ببراعة وإيقاع مثالي وكانت زيارة كريستي الى بغداد تأثيرًا عميقًا على كتاباتها حيث شكّلت المدينة خلفيةً لروايتها المغامرة " جاءوا إلى بغداد" (1951)، التي خرجت عن نمط رواياتها البوليسية المعتاد لتغوص في عالم التجسس والمؤامرات الدولية.

زارت اجاثا كريستي العراق اول مرة في عام 1929 وزارت التنقيبات الأثرية  في اور التي كان يشرف عليها منقّب الآثار ليونارد وويولي ورغم ان وويلي كان يرفض دخول  السّواح الى الموقع فقد قبل ان يستقبل اجاثا كريستي لأن زوجته كاثرين كانت من المعجبات برواياتها

 استلهمت كريستي من تجاربها في العراق بعض رواياتها: " بوابة بغداد " (1933)، و "جريمة في قطار الشرق السريع " (1934)،

و "جريمة في بلاد الرافدين " (1936)، و "موعد مع الموت " (1938)، و "غائب في الربيع " (1944)، حيث أغنت مناظر المنطقة وتاريخها سردياتها

،بعد مسيرة أدبية طويلة  توفيت "ملكة الجريمة"  لقب أشهر كاتبة في الروايات البوليسية في 12 يناير 1976 عن عمر يناهز 85 عامًا لأسباب طبيعية في منزلها في وينتربروك هاوس،و عند وفاتها، قام مسرحان في ويست إند - مسرح سانت مارتن ، حيث كانت مسرحيتها "مصيدة الفئران" تُعرض، ومسرح سافوي ، الذي كان موطنًا لإحياء مسرحية "جريمة قتل في القسيس " - بتعتيم أنوارهما الخارجية تكريمًا لها ودُفنت في فناء كنيسة سانت ماري.