في الحدود العشائرية بين الخطيئة والقيم المشتركة
مارد عبد الحسن الحسون
من الخطأ ، بل من الخطيئة ان يعتقد احد بوجود حدود ارضية بين العشائر العراقية مهما ادعى البعض ان هذه المنطقة او تلك للعشيرة الفلانية وانها لها ما يجعلها ضمن حدود هذه المنطقة ، نعم انها صمن حدود المنطقة الادارية للناحية او القضاء او المحافظة ،.
كما من الخطأ ومن الخطيئة ان يعتقد البعض ان هناك حدودأ خالصة اجتماعيأ نقية لهذه العشيرة او تلك وذلك لان التداخل هو ما يحكم الحياة العشائرية جغرافيأ واجتماعيا ونفسيأ ، بل واقتصاديأ في كل الاحوال ، وهذا بحد ذاته ما يجعل الوحدة العشائرية لعموم العشائر والقبائل العراقية وحدة متماسكة ، بل ونستطيع ان نؤكد ايضا ان هذه الوحدة هي التي تحكم العلاقة بين عموم العشائر العربية ، وكذلك اقليميأ مع وجود فوارق بالنسبة لهذه الحالة .
ان هناك الكثير من الحقائق التاريخية والاجتماعية التي تؤكد ذلك ، كما ان خبراء الانساب والذين يتناولون الواقع التاريخي للقبائل يشيرون الى الكثير من الشواهد ، اذأ لامجال لأحد ان يتحدث عن حدود جغرافية أو اجتماعية أو سكانية بين عشيرة واخرى ، وأن ما نقصده بالحدود هنا ما يحتمه الواقع الحياتي للنظرة لهذا الموقف أو ذاك بالنسبة للقضايا التي تهم الواقع الوطني والاجتماعي العام للمجتمع العراقي ، وان من يقرأ المفكر الاجتماعي المعروف الدكتور علي الوردي يجد الكثير من هذه الحقائق في رؤيته للمواقف في المجتمع العراقي عمومأ ، ان ما اعنيه بالحدود هنا ، هو النظرة الى قضايا تتعلق بالحياة الوطنية العامة والمفاهيم السائدة وهناك حدود مشتركة بين جميع العشائر في الرؤية الوطنية باتجاه وحدة البلاد بغض النظر عن اي اعتبار اخر . واذا كان هناك افراد معينين يدعون خلاف هذه الحقيقة فانهم يضعون انفسهم بعيدأ عن الموقف العشائري الموحد بالنسبة الى القيم الوطنية والاخلاقية.
ومن الحدود العشائرية الاخرى ما يتعلق بالمقاربات التي ترتبط بقيم النخوة والشهامة والنبل واكرام الضيف والترفع على الصغائر ونصرة المظلومين والدفاع عن الحق وتعزيز قيم الكرم فالحدود مشتركة بين العشائر في هذه القيم الميدانية المعروفة .
ومن الحدود المشتركة الاخرى للعشائر ماتعيشه هذه المكونات الاجتماعية في الدواوين والمضايف ، وكذلك في اللقاءات التي تعقد بين العشائر وبخلاف هذا لايجوز بالمنطق الاخلاقي العام ان تكون هناك فواصل بينها في النظرة الى هذه القيمة الحياتية اوتلك .
ومن الحدود التي ينبغي ان نشتغل عليها جميعأ في توحيد مواقف العشائر وفي ايجاد توجهات جديدة تجعل من العشيرة مؤسسة مدنية في النظرة الى حقوق المرأة ونصرة قضاياها والدفاع عن مطالبها والتأسيس لقناعات من شأنها ان تجعل لهذا المكون الاجتماعي المنزلة التي يستحقها وفق المبادئ الايمانية التي جاءت بها الاديان في تكريم النساء ،مع ملاحظةان هناك مشتركات بين العشائر في ان المرأة يمكن ان تكون عنصرأ اجتماعيأ لايجاد المزيد من التواصل بين العشائر اذا اخذنا بنظر الاعتبار حالات التزاوج وايجاد صلات قربى من خلال دور المرأة فيها .
ومن الحدود المشتركة الاخرى للعشائر ايضأ ذلك التوجه الذي يحكم تصرفاتها منذ اقدم العصور في نبذ السرقة والاعتداء والتجاوز ، وهذه عوامل معروفة في الحياة العشائرية ، لكنه مع الاسف تم التعتيم عليها نتيجة تصرف بعض الافراد في العشائر وليس كل العشائر . ان الخلاصة مما اشرت اليه في الحدود العشائرية ينبغي ان يكون مادة اساسية في اي توجه ثقافي واجتماعي لتعزيز وحدة العشائر ، كما تأكد ايضأ ان ايجاد مشاريع تنموية مشتركة وبناء قرى عصرية تشارك في فوائدها أكثر من عشيرة واحدة من شأنه أن يقرب الحدود المشتركة بين العشائر ، وهذا ما ينبغي الاشتغال عليه في المرحلة القادمة بعد ان يكون العراق قد تخلص من كل المظاهر الشاذة والعنيفة التي جاء بها الارهاب وحاول تكريسها في الحياة العراقية .