الخرف السياسي
عبد الكاظم محمد حسون
السياسة .. لا يمكن ان نجد لها تعريف محدد فهي اشمل واوسع من ان يحدد لها تعريف واحد .. فجانب منها يتعلق بأمور لها ارتباط بالدولة والحكومات للتأثير في مسيرتها بشكل إيجابي او سلبي ولها علاقة بحياة المواطن اليومية وما يعانيه والسياسة لا يمكن ان نحصرها بمفهوم واحد او سلوك واحد فهي حراك يأكل ويشرب مع ابسط الناس في المجتمع وسلوكهم اليومي وردود أفعالهم .. هذه الردود ربما تكون عفوية او بقوة مسيطرة او موجهه .. فنمط الحياة جزء من السياسة والمعارضة والولاء سياسة ايضا والقبول والرفض سياسة ..واصبحت السياسة علم يُدرس بالمعاهد الاكادمية على الرغم ان السياسة ظهرت قديما عند نشؤ النخب في المجتمعات ونشوء الفرق والجماعات وظهور القبيلة وظهور الصراع على الحكم والزعامة ولكن كان ظهوره واضح جدا عند نشوء الحكومات والدويلات والدول والامبراطوريات حيث الصراع على المصالح والهيمنة . واصبحت السياسة تدار من قبل مؤسسات ثقافية واعلامية واحزاب وحتى قوى مسلحة تحدد لها أهداف اهمها الفوز بالسلطة او اسقاطها او تحقيق أهداف معينة سوى كانت مشروعه او غير مشروعة وغالبا ماتكون مدغدغه لمشاعر الناس وامانيهم في حياة اكثر امان واستقرار والتخلص من الاستغلال والظلم ..
وأكثر ميول للسياسة هم الشباب حيث يحملون روح الثورة والتغير ورفض الواقع الذي يشعرون مرارته . ويكبرون وتكبر طموحاتهم في تحقيق أهداف ربما تنسجم هذه الأهداف مع مصالح شعبهم ، او لا تنسجم .! ويتحملون وزر قراراتهم واختيارتهم فبعض منهم يدفع الثمن غاليا لدرجة اقصائهم ليس من العمل السياسي فقط بل إسكات صوتهم للأخير وهكذا يعمل الحاكم الدكتاتوري الجلاد للبقاء على الكرسي . او الحزب المتطرف خاصة اذا كان رافض لوجود الاخر والسياسية ليس من الضروري ان تنتهي بتحقيق حلم مجتمع في الحياة الكريمة بل ربما تسرق احلام المظلومين لتتحول لتحقيق أهداف فردية ضيقة تنتهي بأمتلاك كرسي الحكم المنصوب على بركة من دم مصدره شريان الشعب.
اهداف ضيقة
ان السياسة وسيلة في بعض الأحيان لنيل أهداف ضيقة مستغلة عواطف الجماهير وحقها في الحياة وتصبح السياسة لبعض الأفراد والمجموعات وسيلة لكسب المال او اللعب بمشاعر الجماهير من خلال المتجارة بالشعارات وصنع اديولوجيات فلسفية او دينية او اثنيه وتصبح مهنة لبيع الكلام ووعود كاذبة ويدمن صاحب هذه المهنة عليها ، ولا يتمكن من تركها حتى الممات فهو لا يتركها او يحيل نفسه للتقاعد كالمهن الاخرى فالموظف والعامل والفنان والرياضي يتقاعد الا السياسي فلن يتركها حتى ولو تلعثم لسانه او خانته الذاكرة بعبارة أخرى حتى ولو اصابه الخرف او زهايمر فتجد تصريحاته متناقضة ومتلونه لا يستحي من سلوك سيء او تصريح بذيء والسياسة لا تستحي فلا قيم عندها فهي تجمل الوجوه السيئة وترفع شأن من لا شأن له حيث تعتمد بعض الاحيان على المراوغة والخداع ، إلا قليل من اصحاب المباديء الثابتين على القيم والمضحين من أجلها وهم قلة خلدهم التاريخ وهولاء قد أتوا بخاتمة لاعمالهم بنيلهم الشهادة وواجهوا القهر والظلم لوقوفهم بجانب المظلومين . ان من طفت بهم السياسة على السطح في الفترة الحالية كثيرون تراهم مثل القردة كل لحظة على غصن شجرة وتجدهم كالحرباء يغيرون جلدهم فلا حدود عندهم ولا فضاء ثابت يتاجرون بكل شيء من اجل الوصول إلى مبتغاهم ومصالحهم الضيقة وتجدهم بياعي شعارات وادعاءات كاذبه او غير واقعية في التنفيذ مثل العدالة والاشتراكية والحرية وتوفير السكن والخدمات للمواطن والقضاء على الفقر والمرض والفساد والدعوى الى الله ..الخ .. وما ارخص الكلام من أفواه تتجار فيه .وتراهم يمتلكون كل شيء من قنوات وصفحات على التواصل للترويج لبضاعتهم الكاسدة والفاسده .