الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صيحة في آذان السياسيين

بواسطة azzaman

صيحة في آذان السياسيين

عبد العزيز حسون

 

منذ عشرينيات القرن الماضي ظهرت في العراق حركات سياسية متطرفة. وبدايتها كانت ظهور المؤمنين بالشيوعية في مطلعها والتي تنظمت بعد أن سافر معتنقوها إلى موسكو للتدريب على وسائل العمل الحزبي الذي يهدف إلى محاربة نظام الحكم، وكانت البداية عندما إنضم اليساريون عموماً إلى إسناد حركة بكر صدقي ودخل الوزارة يوسف عز الدين وكآمل الجادرجي وجعفر أبو التمن، وباشروا بقتل جعفر العسكري بتشفّي لئيم.

وما أن قضي على قائد الأنقلاب حتى ظهرت كتلة العسكريين ذوي الميول القومية ليسيطروا على السلطة من وراء الستار لحين إنفراط عقدهم بعد الحركة التي قادها الكيلاني.

وهبّت رياح الجبال لتعلن العصيان وتدمّر وتقتل الجنود والشرطة وتنظم بعدها إلى حركة مهابا وجمهوريتها الهلامية والتي كان وزير الدفاع فيها الملّا مصطفى البارزاني، وهي سرعان ما إكتسحتها القوات الأيرانية لتدفعهم إلى أحضان السوفيييت. ولم يتردد القوميون من الولوج في هذا المسار المعادي في مظهره للسلطة الحاكمة بدعوة جماهيرهم للأضراب والأضطراب. وشهد جيلُنا الأذى والتدمير الذي كان يقع على العراق وليس على السلطة أو نظام الحكم.

أمّا الديمقراطيون فقد ظلوا ومنذ تأسيس تجمّعهم أو حزبهم على التخفّي وراء القوي من الحركات المعارضة، مع أنهم كانوا يشاركون في الوزارات في منتصف الأربعينيات.

ومع بداية حركة ضباط الجيش (الأحرار) وقبل قيام عهد 14 تموز 1958، تشكّلت جبهة وطنية تضم كل من حزب الأستقلال والحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الأشتراكي. وتغلغل في ثنايا هذه الأحزاب الضباط (الأحرار) كلٌّ على هواه. ولكن عند ذلك اليوم من تموز كشّر كل منهم عن أنيابه ليس لمعاداة السلطة التي أنقلبوا عليها دائماً لمقاتلة بعضهم البعض، وهو أمر محيّر بشدة، عندما كنّا نشاهد الصراع بين البعثيين والشيوعيين الني يصل إلى القتل وسحل الجثث بالشوارع بعد شهر لا أكثر.

وحاول جيلنا جاهداً أن يسمع أو يقرأ تحليلاً أو رأياً أو ندماً من الطرفين اللذين ألتقينا بزعمائهما ولا زلنا نذكرهم بذلك في لقاءاتنا مع من تبقّى منهم بيننا.  ومع الأسف فأنَّ ما نسمعه منهم يؤكّد أنّهم إن عادوا لمسك سلطة سيفعلون مثلما فعلوا وربما أكثر.

وفي عدد جريدة الزمان الغراء 8192 بتاريخ 24/5/2025  طلعت علينا مقالة للأستاذ فاضل ميراني السياسي الكردي بعنوان ( لذلك تفجّرت ثورة الربيع گولان)  تناقض السّرد فيها مع أسطر المقدمة التي أكّد فيها (أنّه يبتعد شخصياً  عن الحشو اللغوي وخاصة في التشريح التاريخي)، إذ أبتعد الكاتب كثيراً في السّرد الذي لم يصل فيه إلى ما هدف إليه في مقالته إلى أقناع القاريء بأسباب ثورة الربيع گولان كما أسماها وعنون بها مقالته، وماذا حققت تلك (الثورة)  للمواطن الكردي الذي ظل يدفع الثمن لكل الأخفاقات منذ العام 1958.  وإذا كان الكاتب يعيب على النظام السابق أنّه فرّط بشط العرب بأتفاقه مع شاه إيران الذي كف يده عن دعم أكراد العراق بهذه الأتفاقية، حيث كانوا قد شكّلوا خطورة بأعتمادهم على دعم النظام الأيراني آنذاك. وبمعنى أوضح أنّهم كانوا السبب المباشر لعقد ذلك الأتفاق المشؤوم.

وقد شاهدنا بأم أعيننا وعلى شاشات التلفزة نزول المسلّحين الأكراد من الجبال يسلمون أسلحتهم. وأذكر أنني رأيتُ صالح اليوسفي وهو يسلم سلاحه.  ألم يكن ذلك قد حدث بعد أن نفض الشاه يديه من دعم الحركة الكردية؟

وقد تناسى الكاتب التطرّق إلى ما يحدث اليوم في كردستان حيث مضت مدة طويلة على الانتخابات ولم يتم تشكيل حكومة أو أنعقاد البرلمان الذي لا زال معطّلاً هو الآخر لأن أحد طرفي السيطرة على المحافظات لا زال يتكئ على حدود الجارة الشرقية القريبة منه.، وهو أمر في غاية الخطورة بأينا نحن الذين لا نفهم بالسياسة مثل السياسيين الذين تمرّسوا في التمترس في مواقفهم المحاطة بالأسلحة وليس بالمبادئ التي يُنادون بها.

لعلّنا في بومٍ قريبٍ نُدرك ونتيقّن بأننا عراقيين علينا أن نتغنّى ببلادنا التي هي جوهرة بين بلدان العالم رغم المحن وما بمرُّ بها من الضيم الذي ستتخلّص منه اليومَ أو غداً. وهذه وعود التاريخ التي تتحقق وتعود البلاد بكل أهلها  إلى  اللمعان من جديد.


مشاهدات 170
الكاتب عبد العزيز حسون
أضيف 2025/06/10 - 4:52 PM
آخر تحديث 2025/06/15 - 9:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 272 الشهر 9713 الكلي 11144367
الوقت الآن
الأحد 2025/6/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير