الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإنتخابات البرلمانية المقبلة وفساد المال السياسي

بواسطة azzaman

تهديد صامت للديمقراطية

الإنتخابات البرلمانية المقبلة وفساد المال السياسي

محمد حسن الساعدي

 

تُعدّ الانتخابات البرلمانية أحد أبرز مظاهر الممارسة الديمقراطية، حيث يختار المواطنون من يمثلهم في السلطة التشريعية، ويعبّرون عن إرادتهم السياسية عبر صناديق الاقتراع. إلا أن هذه الممارسة النبيلة كثيرًا ما تتعرض للتشويه والانحراف بفعل تدخل المال السياسي، الذي يحوّل العملية الانتخابية من ساحة للتنافس الحر والنزيه إلى سوق تُباع فيه الأصوات وتُشترى الذمم.

المال السياسي هو استخدام المال بطرق غير قانونية أو غير أخلاقية للتأثير على نتائج الانتخابات، سواء عبر شراء الأصوات، أو تمويل الحملات الدعائية المضللة، أو التأثير على وسائل الإعلام، أو رشوة المسؤولين وأعضاء لجان الانتخابات. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية القادمة، تتزايد المخاوف من أن يشكّل المال غير المشروع أداة لحسم نتائجها، لا على أساس الكفاءة أو البرامج، بل على أساس القدرة على الدفع والإنفاق.

عملية انتخابية

أن من أهم مظاهر فساد المال في الانتخابات شراء الأصوات والذي ينتشر في بعض الدوائر الانتخابية من خلال تقديم الأموال أو الهدايا للناخبين مقابل التصويت لمرشح معين، ما يُفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي وتمويل الحملات بطرق غير شفافة كالإنفاق على بعض المرشحين أموالًا طائلة دون الكشف عن مصادر تمويلهم، مما يثير تساؤلات حول علاقاتهم برجال الأعمال أو جهات خارجية،واستخدام النفوذ والسلطة من بعض المرشحين، خاصة من أصحاب المناصب أو من تربطهم علاقات بأصحاب السلطة، يستغلون المال للتأثير على مؤسسات الدولة أو تسخير الإعلام لصالحهم، بالإضافة الى التضليل الإعلامي كاستخدام الأموال لتمويل حملات إعلامية تهدف لتشويه صورة الخصوم أو تضخيم إنجازات زائفة للمرشحين المدعومين بالمال السياسي.

أن من أهم الآثار السلبية لاستخدام المال السياسي في الانتخابات على العملية الديمقراطي إضعاف ثقة المواطن بالعملية الانتخابية: عندما يشعر المواطن أن صوته لا يُحسب إلا بقدر ما يدفع الآخرون، يفقد الإيمان بجدوى الانتخابات وتشويه التمثيل الشعبي وذلك لان الفائز في الانتخابات من يملك المال لا من يملك الكفاءة أو البرنامج الوطني، مما يؤدي إلى برلمان غير معبر عن هموم الشعب، بالإضافة الى تعزيز الفساد السياسي، إذ أن من يصل إلى البرلمان عبر المال الفاسد غالبًا ما يسعى لتعويض ما أنفقه من خلال الفساد، وليس خدمة الصالح العام.

أن من أهم الاجراءات التي ينبغي اتخاذها في مكافحة استخدام المال العام في الانتخابات هو سنّ قوانين صارمة لمراقبة الإنفاق الانتخابي، وتحديد سقف للتمويل والإعلان عن مصادره، وتعزيز دور الهيئات الرقابية على العملية الانتخابية.

تشجيع مواطنين

ومنحها استقلالية حقيقية وصلاحيات واسعة، ورفع الوعي الشعبي بخطورة بيع الصوت الانتخابي، وتشجيع المواطنين على التصويت الحر والمسؤول، وتشجيع الإعلام الحر والمستقل على فضح ممارسات المال السياسي وكشف الفاسدين أمام الرأي العام.إن الانتخابات البرلمانية القادمة تشكل لحظة حاسمة في مسار البلاد السياسي، وفرصة لتجديد الأمل في إصلاح فعلي. غير أن فساد المال السياسي يبقى الخطر الأكبر الذي يهدد هذا المسار. محاربته مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع المدني والإعلام والمواطن. فالديمقراطية الحقيقية لا تُشترى، بل تُبنى على وعي نزيه وإرادة حرة، لان ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية القادمة، تتجدد الآمال لدى المواطنين في إحداث تغيير حقيقي يُحسن من أوضاعهم المعيشية ويعيد الثقة بمؤسسات الدولة، غير أن هذه الآمال تصطدم مجددًا بعقبة كبرى تعيق المسيرة الديمقراطية والانتخابية النزيهة والحرة الا وهي استخدام المال العام وشراء الذمم.

 


مشاهدات 171
الكاتب محمد حسن الساعدي
أضيف 2025/05/31 - 3:20 PM
آخر تحديث 2025/06/02 - 1:54 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 824 الشهر 2129 الكلي 11136783
الوقت الآن
الإثنين 2025/6/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير