الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراق وماك سافايا

بواسطة azzaman

العراق وماك سافايا

ثامر محمود مراد

 

في 19 أكتوبر 2025 أعلن ترامب تعيين مارك ساڤايا كمبعوثه الخاص إلى الجمهورية العراقية.

في إعلان التعيين، كتب ترامب أنّ ساڤايا «فهمٌ عميق لعلاقة الولايات المتحدة–العراق، واتصالاته في المنطقة، ستساعد في تعزيز مصالح الشعب الأميركي. ساڤايا من أصول عراقية (كلدانية) ويُعرف كرجل أعمال في ميشيغان (مدن ديترويت)؛ لكن ليس له خبرة سابقة في الخدمات الدبلوماسية أو العمل الحكومي في واشنطن أو بغداد. حقيقة أن ساڤايا من أصول عراقية قد تُعطي التعيين بُعداً رمزيّاً: فهو يمكن أن يُستخدم كجسر بين واشنطن وبغداد، وبين واشنطن والجالية العراقية (وخاصة المسيحية/الكلدانية) في المهجر. مثلاً، ورد أن ساڤايا يُعتبر “رجل أعمال كلداني من أملاك نينوى.  ساڤايا كان داعماً لترامب في حملاته، وذكرت المصادر أن التعيين جزء من “المكافأة” لدعم حملته الانتخابية أو تعزيز روابطه بالجالية العربية-الإسلامية في الولايات المتحدة (ميشيغان) – مثلاً ترامب قال إنه “كان لاعباً رئيساً في حملتي في ميشيغان، حيث ساعد على تأمين تصويت قياسي لدى الأميركيين المسلمين”. بعض المراقبين يرون أن التعيين يحمل رسالة بأن العلاقات مع العراق دخلت مرحلة “خارج الإطار المعتاد” أو بأن واشنطن تعتزم اتخاذ مقاربة مختلفة؛ أحد قيادات كردستان قال إن اختيار ساڤايا يُعد «اعترافاً بان الوضع في العراق ليس طبيعياً ويحتاج إلى إجراءات وقرارات خارج الأطر الدبلوماسية المعتادة.  عدم وجود تجربة دبلوماسية أو حكومية معروفة لدى ساڤايا، ما يجعله أقل تأهيلاً من وجهة نظر “السيرة الذاتية للأعمال الدبلوماسية. احتمال أن يُنظر إلى التعيين على أنه سياسي داخلي أميركي أو “مكافأة” أكثر من كونه اختياراً محتَرفاً لوظيفة معقدة في الشرق الأوسط، ما قد يقلل من مصداقيته في بغداد أو بين الشركاء الإقليميين.

هل من المحتمل أن “يحارب” الميليشيات الإيرانية في العراق؟ للتوضيح: بـ”يحارب” أقصد التدخّل الدبلوماسي أو السياسي أو الأمني لمواجهة نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، وليس بالضرورة الاشتباك العسكري المباشر. منصب “مبعوث خاص” غالباً يكون دبلوماسياً/سياسياً وليس عسكرياً؛ أي أن قدرته ستكون مرتبطة بالتفاوض، الضغط الدبلوماسي، التنسيق، لا بوضع قوات أو شن هجوم ميداني. في العراق، النفوذ الإيراني (من خلال ميليشيات مثل كتائب حزب الله، حشد العبادي، وغيرهما) موجود منذ سنوات، وهو مدعوم بأعمدة سياسية محلية، أيديولوجية، مالية، أمنية. نجاح أي مبعوث أميركي في مواجهة هذا النفوذ يتطلب تنسيقاً مع الحكومة العراقية، مع شركاء إقليميين، وربما تغيّراً في استراتيجية واشنطن نفسها.

أحد المصادر نقل أن تروسكوڤ (باحثة روسيّة-إسرائيلية كانت محتجزة في العراق) قالت إن ساڤايا “شدّد معارضة للميليشيات، وشارك في إطلاق تحرّرها” من الاحتجاز هذا يُظهر أن ساڤايا قد يكون لديه موقف شخصي أو رمزي ضد بعض الميليشيات. من جهة كرديّة، تم اعتبار التعيين “رسالة” بأن واشنطن ترى أن العراق يحتاج إعادة ضبط لاستقلاله وسيادته بعيداً عن “حكم الميليشيات.  ملاحظة هامة: لا توجد (حتى الآن) بيانات علنيّة تفصيلية تقول إن ساڤايا سيتولّى حملة طرد ميليشيات أو فرض عقوبات أو تنفيذ عمليات قوية على الأرض. يمكن لساڤايا أن يمارس ضغطاً دبلوماسياً، يدعم العقوبات، يدعم المؤسسات العراقية التي تريد خفض نفوذ الميليشيات، يشجّع الشفافية، ويكون وسيطاً بين الأميركيين والعراقيين/الإيرانيين. وجود الحكومة العراقية بين نارين: تحتاج العلاقة مع إيران أيضاً (اقتصادياً، أمنياً)، لذا قد لا تتعاون بسهولة في مواجهة الميليشيات التي لها نفوذ كبير.

الولايات المتحدة لديها حدود في ممارسة النفوذ المباشر: قواتها غادرت تقريباً معظم العمليات القتالية الكبرى في العراق، ما يقلل من قدرة الضغط الميداني الأكيدة. سياسات إيران والمنطقة كبيرة ومعقدة، لا تتغيّر بسرعة من خلال مبعوث واحد. من المرجّح أن يكون التوجّه نحو مواجهة النفوذ الإيراني/الميليشيات بشكل دبلوماسي وسياسي تدريجي، وليس حرب مفتوحة أو تطهير ميداني سريع. كونه من أصول عراقية والكورد/أشوريين/كلدانيين، يمكن أن يُسهّل الحوار مع بعض الأطراف العراقية التي ربما تشعر بهوية مشتركة. يمكن أن يعمل على زيادة اهتمام واشنطن بالقضايا العراقية (مثل إعادة الإعمار، عودة المهجرين، التنمية الاقتصادية)، بما يفيد العراق. مثلاً، في أحد المصادر ورد أن جزءاً من مهمة ساڤايا تتضمّن “التثبيت الاقتصادي والسياسي في العراق، وتعزيز الحوار بين الجماعات الإثنية والدينية.  يمكن أن يستخدم المنصب لدفع الحكومة العراقية نحو المزيد من الشفافية، محاربة الفساد، تحسين الإدارة، كجزء من “مصالح أميركية – عراقية” مشتركة. وجود مبعوث أميركي خاص قد يعطي العراق “دعماً” دولياً إضافياً في مفاوضات مع شركاء أو في ملفات إعادة الإعمار. بعض العراقيين قد يرون في التعيين رمزاً لاهتمام أميركي أكبر بالعراق، وليس مجرد “ساحة ثانوية”، ما يمكن أن يعزز الثقة أو على الأقل التوقعات بأن هناك تحركاً. كما أن الجانب الكلداني/المسيحي في العراق قد يرى في تعيين شخص من أصول مشابهة أملاً في مناصرة لقضايا الأقليات.

إذا بقي المنصب رمزيّاً بلا أدوات فعليّة أو بدون تنسيق قوي مع الحكومة العراقية، فقد يُنظر إليه كـ”استعراض” أكثر من أداة تغيّر. توقعات العراقيين قد تكون عالية، وإذا لم تحقّق، فقد تنشأ خيبة أمل أو نقد أكبر للجانب الأميركي.أي تحرّك واضح ضد ميليشيات مدعومة من إيران قد يثير رداً عراقياً أو إقليمياً، سواء في السياسة أو الأمن، وقد يُضعف ساڤايا أو يعرضه لمخاطر. بعض القوى العراقية قد تعتبر التعيين تدخّلاً أميركياً أو انتهاكاً لسيادة العراق، ما يكوّن توتّراً. إذا رأى بعض العراقيين أن الحلول القادمة “أميركية” أكثر من “عراقية”، قد يتولد شعور بأن العراق خاضع لضغوط خارجية وليس صاحب قراره الكامل. التركيز على الدور الأميركي قد يقلّل من التحفيز الداخلي للإصلاح أو التغيير. خلاصة التوقعات : اختيار ساڤايا يعكس رغبة أميركية في إعادة تنشيط العلاقة مع العراق بطريقة “جديدة” نسبياً: رمزية، متعدّدة الأبعاد، ربما أقل تركيزاً حصراً على الملف الأمني التقليدي. لا أعتقد أنّ ساڤايا سيُطلق “حرباً” مباشرة وواسعة النطاق ضد ميليشيات إيران في العراق في المدى القصير — لكن يمكن أن يكون له دور في تعزيز الضغوط الدبلوماسية، والمشاركة في عمليات الوساطة، ورفع سقف التوقعات للتغيير. من ناحية العراق، وجوده يمكن أن يكون مفيداً إذا استُخدم كأداة لإعادة فتح قنوات، دعم الإصلاح، وضمان أن واشنطن ليست غائبة ولكن أيضاً ليس مخطّطاً للشأن العراقي. ومع ذلك، الفائدة الحقيقية تعتمد كثيراً على ما إذا كان لديه تفويض وأدوات، وهل الحكومة العراقية والشركاء المحليون سيتعاونون معه. من المهم أن يتجنّب العراق أن يرى في هذا التعيين “حلّاً أميركياً” بدلاً من عملية عراقية-عراقية من الداخل، لأنه بدون دعم محلي حقيقي لن يكون التغيير منتَجاً. أخيراً، يجب أن يكون التوقع واقعياً: التحديات الأمنية والسياسية في العراق كبيرة — النفوذ الإيراني كبير، والميليشيات متجذّرة، والمؤسسات العراقية تحتاج إصلاحات، وكلّ ذلك ليس بالأمر السهل لمبعوث يُعيّن حديثاً وبدون خبرة طويلة في  الميدان.

 

 


مشاهدات 60
الكاتب ثامر محمود مراد
أضيف 2025/10/21 - 4:31 PM
آخر تحديث 2025/10/22 - 1:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 87 الشهر 14612 الكلي 12154467
الوقت الآن
الأربعاء 2025/10/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير