الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ساعة مع رئيس الجمهورية.. ثلاثة هواجس يتحدث عنها رشيد لـ (الزمان)

بواسطة azzaman

ساعة مع رئيس الجمهورية.. ثلاثة هواجس يتحدث عنها رشيد لـ (الزمان)

أحمد عبد المجيد

 

بين العام الماضي، حيث التقيت رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد مع عدد من زملائي رؤساء تحرير الصحف، وبين يوم أمس، حيث استقبلني على انفراد، مسافة تختصر قضايا وتحولات كبرى.

وما يمكنني تسجيله عن لقاء أمس الثلاثاء، ان الرئيس كان بحاجة الى صوت اعلامي احترافي، كما وصفه، ليتحدث إليه عن عدد من هواجسه وتحفظاته، وان هذه الحاجة باتت ملحة لديه بحيث استغرق اللقاء معه نحو ساعة اقتطعها الرئيس من برنامجه اليومي المزدحم في استقبال الفعاليات الوطنية واجتماعات المستشارين والاطلاع على المستجدات المحلية وتصريف شؤون الرئاسة.

كان الرئيس مهتماً بالحديث عن الاعلام عموماً والصحافة خصوصاً، مؤكداً انه برغم انشغالاته التي تأخذ قسطاً كبيراً من الوقت خلال اليوم، لكنه لا يستغني عن قراءة الصحف، ويحتفظ بأرشيف كبير من الصحف بدأ شغفه بقراءتها، منذ عقد السبعينات. وبرغم تنقلاته وانتقالاته بين المدن والعواصم، خلال سنوات المعارضة، فأنه احتفظ بمجموعة كبيرة منها، لكنه بعد نيسان 2003 حرص على توزيعها بين عدد من المراكز العلمية ودور التوثيق وخص مكتبات عدد من الجامعات بالمهم منها.

وجدته قارئاً جيداً للمضامين، جديراً باستخلاص رؤى نقدية بشأنها، وقد أسرني انه ميال الى مطالعة كتب التاريخ والمذكرات ويصرف ساعات من وقته في عوالمها، لكنه يعترف ان متطلبات منصبه تضطره الى تقليص ذلك الوقت دون الاستغناء عنه.

كما وجدت الرئيس حريصاً على شرح تفاصيل مشروع ثقافي وطني كرس اهتماماً استثنائياً اليه، يتعلق بتوطيد العلاقات الاخوية الثقافية بين المثقفين العرب والكرد، من منطلق ادراكه أهمية ردم الفجوة التي خلقتها الظروف السياسية وانصراف الطرفين الى اهتمامات غير ثقافية في الغالب.

لقد كشف الرئيس رشيد عن حرص ثابت لديه بهذا الموضوع، وقال ان وجوده في لندن قبل سقوط النظام أتاح له فرصة جمع مثقفي العراق من جميع المكونات واستضافة شخصيات ثقافية بارزة كالشاعر محمد مهدي الجواهري لفتح حوارات تكرس المعرفة بالابداع العربي الكردي وتلخّص البعد الوطني لالتقاء الرافدين.

ورأيت الرئيس حريصاً على كشف حقيقة انصرافه للاهتمام بالشؤون الثقافية، فضلاً عن اداء واجباته الدستورية. ولتحقيق أرضية عملية انجز مشروع المركز الثقافي العربي الكردي، في احد معالم التراث البغدادي، الواقع على نهر دجلة. فقد خصه بأعادة التعمير والتأهيل واستقدم لاحياء إسسه واركانه خبراء من الداخل والخارج. كان انجازاً مهماً ان يتم احياء مسكن الوجيه البغدادي عبد المجيد الشاوي في الشواكة، وفتح ابوابه للقاء المثقفين من العرب والكرد، وهو اليوم شاخص حي على الفكر المعماري العراقي الذي يمثل أحدى الهويات النابضة بالوطنية العراقية. لقد اعرب الرئيس عن الأمل بأن يستثمر هذا المركز لاقامة الفعاليات الثقافية والانشطة الفنية المعمقة، بما يحقق الغاية الاساسية من تشييده. وقد نظم الرئيس زيارات لعدد مـن المثقفين والبعثات الدبلوماسية، للاطلاع على المبنـــى الذي تحول الى تحفة تسر الناظرين، بعد ان كان (كومة انقـاض) كادت ان تندرس وقد وعدني الرئيس باصطحابي معه في اي نشاط مقبل يشهده هذا الصـــرح.

الهاجس الثالث الذي وجدته شاغل الرئيس هو مستقبل الاجيال في العراق. وكشف عن (قلقه الصادق من هدر  الثروات النفطية والمائية وغيرها، دون التفكير بأحقية الاجيال بالاستفادة من معطياتها بعد 50 سنة مثلاً). كان حديثه مفعماً بالحزن ودالاً على أبوة جديرة بالتقدير والانتباه.

وضمن ذلك تقع، طبعاً، ظاهرة ذهاب 80 بالمئة من ايرادات النفط الى الرواتب الحكومية، في وقت لا تتجاوز نسبتها في الدول التي يستقى الرئيس معلومات منها 10 او 15 بالمئة فقط . لقد لمست في حديثه نوعاً من العتب غير المباشر على المعنيين بضرورة معالجة هذا الملف والبحث عن فرص للايرادات غير النفطية وتوسيع رقعة مشاركة القطاع الخاص في توظيف الشباب.

ولعل ما كان يعمق هذا القلق في نفس الرئيس هو إعرابه عن الأسف لممارسات السياسيين المتعلقة بأهدار المال العام واستخدامه لاغراض انتخابية، دون ادراك ان ما انجزوه، في الحقيقة، ليس ملكيتهم الخاصة، ولا يجوز في ضوء الاعراف والقوانين ممارسته بالشكل الذي تنشره عنهم وسائل الاعلام. ووجدت الرئيس يقف عند هذه الوسائل مستاءً، أو يملك رؤية انتقادية ازاء المضامين أو تحويل المحتوى الاعلامي الى وظيفة لتلميع صورة المسؤولين أو تكريسه لتنفيذ أغراض هذا المسؤول أو ذاك.

حفزني الرئيس على تمنّي رؤية منزل عبد المجيد الشاوي بطابعه المعماري الجديد. وللعلم فأن  عائديته مسجلة لدى وزارة الثقافة التي يرى الرئيس انها عاجزة عن احياء موروثات عراقية لا تحصى، وختم رأيه في هذا الاعتقاد بالقول (كثيراً ما اقول لوزير الثقافة انك لا تتحرك لانجاز مفيد)!

وما لفت نظري أيضاً ان الرئيس أعرب عن تحفظه على تصريحات تصدّع الرأي العام أو تستهدف السلم المجتمعي، نتيجة مغالاتها بالحديث عن ازمات البلاد كالمياه والوضع الاقتصادي، متجاهلة الامكانات التي يزخر بها العراق، حضارياً وثقافياً وعلمياً واقتصادياً. ووصف العراق بأنه (ثري جداً ويستطيع بناء نفسه والتغلب على تحدياته بطاقات شبابه وكفاءة خبرائه).

 

 


مشاهدات 69
أضيف 2025/10/21 - 5:41 PM
آخر تحديث 2025/10/22 - 1:46 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 85 الشهر 14610 الكلي 12154465
الوقت الآن
الأربعاء 2025/10/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير