الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مبعوث ترامپ إلى العراق بين الصفقة والاستخفاف

بواسطة azzaman

مبعوث ترامپ إلى العراق بين الصفقة والاستخفاف

رشيد العجيل

 

أثار تعيين مارك سافايا قطب أعمال القنب (الماريوانا) في ميشيغان مبعوثاً خاصاً للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق، موجة من الدهشة والتساؤلات في الأروقة الدبلوماسية والإعلامية. هذا القرار، الذي تم الإعلان عنه قبل ايام يبدو وكأنه نتاج مباشر لفلسفة ترامب القائمة على خرق القواعد ومكافأة الولاء، متجاهلاً السيرة الدبلوماسية التقليدية بالكامل.

فهل يمثل سافايا "الصفقة" التي يبحث عنها ترامب أم إشارة استخفاف غير مسبوقة لبغداد؟

خلفية رجل الأعمال: من ديترويت إلى "الصفقة العراقية"

لا ينتمي مارك سافايا إلى النخبة الدبلوماسية لانه قادم من عالم المال والأعمال وتحديداً من صناعة القنب حيث أسس سلسلة متاجر Leaf and Bud في ميشيغان. هذه الخلفية تفتقر تماماً للمؤهلات السياسية أو الأكاديمية المطلوبة عادةً لمنصب سياسي حساس.

لكن ما يملكه سافايا هو شيء آخر ذو قيمة نادرة في استراتيجية ترامب:

 * الأصول (الكلدانية-العراقية): سافايا وُلد في العراق وهو ما يمنحه إلماماً باللغة والعادات وبعض العلاقات الاجتماعية في المنطقة.

 * الولاء والمساهمة السياسية: كان سافايا محركاً رئيسياً في حملة ترامب الانتخابية لعام 2024 في ميشيغان حيث ساهم في حشد عدد كبير من أصوات الجالية العربية والمسلمة لصالح الرئيس وهو ما أكد عليه ترامب شخصياً.

التعيين هو مكافأة سياسية بامتياز حيث يعكس إيمان ترامب بأن رجل الأعمال الناجح قادر على إبرام الصفقات أفضل من الدبلوماسي العتيق خاصة عندما يمتلك الأخير (سافايا) علاقات "تحت الرادار" يمكنها فتح الأبواب المغلقة.

الإنجاز الذي غيّر موازين القوى: صفقة الرهينة

يستمد تعيين سافايا شرعيته في نظر ترامب من نجاح غير متوقع: دوره في التوسط للإفراج عن الباحثة الروسية الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف التي كانت محتجزة في العراق لدى إحدى الجهات المسلحة غير الحكومية.

هذا الإنجاز يمثل حجر الزاوية في تبرير التعيين. لقد أثبت سافايا أنه "صانع صفقات" قادر على تحقيق اختراق حيث فشلت القنوات الدبلوماسية التقليدية. بالنسبة لترامب هذا هو النموذج الأمثل للمبعوث: شخص ينجز المهمة ولا يحتاج إلى تصديق من مجلس الشيوخ ويتبع أوامره مباشرة.

هنا تتحول الخلفية غير التقليدية إلى ميزة: "فهمه العميق للعلاقة بين العراق والولايات المتحدة" الذي تحدث عنه ترامب لا يُقصد به المؤتمرات الدولية بل القدرة على التواصل مع الأطراف الفاعلة على الأرض بما في ذلك اللاعبين غير الحكوميين. لقد تعاون ترامب مع من خدمه وهذا هو جوهر فلسفته.

تحدي الإهانة والاستخفاف: رد الفعل العراقي

على الرغم من إشادة رئيس إقليم كردستان بالتعيين يُخشى أن يُنظر إلى خلفية سافايا في بغداد على أنها إهانة دبلوماسية واستخفاف بالدولة العراقية. وتتركز الحساسية في نقطتين حاسمتين:

 * التناقض القيمي والقانوني: كيف يمكن لدولة تعاقب على تجارة المخدرات بالإعدام أن تتعامل مع مبعوث أمريكي جاء من صميم هذه الصناعة؟ هذا يضع سافايا في موقف محرج منذ اليوم الأول وقد يمنح خصوم واشنطن في العراق ذخيرة إعلامية وسياسية لتقويض مهمته.

 * تجريد الملف من الجدية: قد يرى بعض القادة العراقيون الذين يسعون لتأكيد سيادة دولتهم واستعادة العلاقات على أسس متوازنة أن تعيين رجل أعمال "خارج عن السرب" كمبعوث خاص هو مؤشر على أن الإدارة الأمريكية لا تتعامل مع ملف العراق كقضية استراتيجية كبرى، بل كـ "صفقة" أو "خدمة" تُقدم لداعم سياسي.

في المحصلة، لا يتعلق الجدل بمستوى سافايا العلمي بقدر ما يتعلق بملاءمته السياسية والثقافية. إنه يمثل اختباراً حقيقياً في مدى استعداد الحكومة العراقية لقبول نموذج دبلوماسي جديد قائم على الصفقات والعلاقات الشخصية، قادم من عالم تجارة القنب المشرعن في أمريكا، في محاولة من ترامب لتحقيق نتائج سريعة من خلال من يثق في ولائهم وقدرتهم على "إنهاء المهمة".

 

 

 

 

 


مشاهدات 59
الكاتب رشيد العجيل
أضيف 2025/10/21 - 4:22 PM
آخر تحديث 2025/10/22 - 1:41 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 87 الشهر 14612 الكلي 12154467
الوقت الآن
الأربعاء 2025/10/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير