تحت شعار لا مستحيل أمام كفاءة المهندس العراقي.. هكذا إعيد إعمار الجسر المعلّق في بغداد
محمد المحاويلي
يجب ان نعلق الجسر المعلق انه التحدي
هذا كان شعار مفخرة العراق مهندسون وعمال
وهم يبدأوا التحدي (( او الإعجاز الهندسي العراقي في اعادة انشاء وبناء (( الجسر المعلق في بغداد)) هذا (( الإعجاز الهندسي ... الذي اذهل العالم)).
ما هو الجسر (( المعلق)) حقائق و تاريخ :-
1-تم تصميم هذا الجسر المعلق (( الاول من نوعه في الشرق الأوسط عام ((1956))... من قبل المهندس الأمريكي (( ديفيد ستينغمان))... بتكليف من لجنة الإعمار في العهد (( الملكي ))... لربط جانبي دجلة ما بين (( كرادة مريم ... و الكرادة الشرقية)) و هو اول جسر معلق (( في بغداد والشرق الأوسط ))
2-تم وضع حجر الاساس له من قبل الزعيم (( عبد الكريم قاسم...1961))
3- تم افتتاحه بشكل رسمي في عهد (( المشير عبد السلام عارف ...1964))
4-تم قصفه و تدميره من قبل الطيران (( الامريكي))... مع ((132)) جسراً في عموم العراق عام ((1991))... اثناء (( عدوان عاصفة الصحراء ))... و تم تدمير هذا الجسر بشكل (( وحشي و ذلك لإذلال العراقيين ))... و توقع الجميع داخل و خارج العراق((إستحالة اعادة هذا الجسر للخدمة ... وحتى الشركات (( البلجيكية )) التي ساهمت في بناءه أكدت ان من المستحيل إعادة بنائه ... الا ببناء جسر جديد)).
و لكن خلال فترة (( إعادة إعمار ما دمرته الغارات الامريكية على العراق))... و التحدي و إصرار (( المهندس العراقي.. و الفني ... والعامل ))...بإنجاز (( المستحيل))..
تم البدء عام ((1992))... بالمباشرة بتحدي هندسي خطير... و هو (( إعادة بناء الجسر المعلق من جديد))
تحت شعار:-
(( نعلق الجسر المعلق رغم كل التحديات))... بعد اجتماعات و نقاشات لخيرة مهندسي العراق من مختلف التخصصات حول (( تحدي إعادة بناء هذا الجسر))...
كانت الاجتماعات و النقاشات تنتهي بصعوبة المهمة
و ذلك لهذه الأسباب :-
1-من المعروف ان الجسور نوعين (( جسور ثابته((siff bridge)) والمهندس العراقي لديه خبرة واسعة فيها... و خاصة بعد انشاء جسر (( ذو الطابقين))... و توفر المواد و المعدات الازمة للعمل.
والنوع الثاني من الجسور ((الجسور المعلقة((suspension bridge))... و هذا النوع يحتاج إلى ((حبال حديدية خاصة... و يحتاج الى معدات و مستلزمات غير متوفرة في العراق... إضافة إلى (( حصار خانق و صعوبة استيراد أي معدات او مواد يتطلبها اعادة بناء هذا الجسر))...
و تعاد الاجتماعات و النقاشات ويعاد (( التحدي ))
الجسر المعلق ... يجب ان يعلق)
الجميع وصلوا الى نتيجة (( صعوبة المهمة))
الى ان تقبل التحدي (( كفاءة عراقية...خلدها التاريخ))
انه... اللواء مهندس ميكانيك ((عبد الخالق كاظم شبيب العزاوي ))واللواء المهندس ظافر صديق والعميد المهندس فاضل المعمار والعميد المهندس محمد حنون والعميد المهندس زيد نعمه
هو الذي تولى المهمة المستحيلة وقال للمهندسين و الفنيين و العمال و بكل ود...نحن قبلنا التحدي ويجب
ان ننجز (( المستحيل امام العالم)) تحت شعار نعمل:-
((يجب ان نعلق المعلق...لنصنع التحدي))و بدأ العمل عام ((1993))...و تم الانتهاء عام ((1995))
لقد تم تدمير الجسر بشكل كامل و اصبح عبارة عن(( هيكل حديدي غارق في مياة دجلة الخالد )).
واجهت فرق العمل صعوبتان أساسيتان :-
1-توفير الحبال الحديدية الخاصة لرفع الجسر ... وهذه يجب إستيردادها من شركات (( غربية متخصصة))... و العراق (( محاصر و عيون المفتشين في كل زاوية ... تم حل هذا النقطة (( من خلال استيراد تلك الحبال بواسطة شركات ((أردنية )).... و تم نقل الشحنات عبر (( الصحراء ...و ليس عبر الطريق الدولي))
مما ادى الى إفراغ (( اطارات الشاحنات بنسبة 50بالمئة))
لكي تتمكن من السير عبر رمال الصحراء (( و بسرية تامة)).
2-عملية إعادة بناء (( الجسر المعلق ))... بالرغم من عدم وجود (( خبرة سابقة ))... الا ان العملية تتطلب إزالة (( ركام الجسر السابق و الذي يبلغ وزنه ((100 الف طن)) و اغلب ذلك (( الركام ))... داخل اعماق مياة نهر دجلة (( العكرة))...لان هذا الركام الحديدي يجب ان يقطع بواسطة (( الاوكسي استلين)) وعملية التقطيع ستكون من الصعوبة على (( عمال اللحيم والغواصين... لإنعدام الرؤيا))
تم حل هذة الصعوبة من خلال طرق إبتكرها (( الفنيون و العمال المهرة)).
3-لإزالة الانقاض أولاً ...و من اجل حركة العاملين و إيصال المواد وتركيبها و إنشاء (( بدن الجسر المعلق))و عدم استخدام الكثير من الرافعات استخدمت فكرة هندسية إبداعية ....((( تم انشاء جسرين حديدين على جانبي الجسر المعلق ((بعرض 6 متر لكل جسر))... هذا ما قامت به (( منشأة الفاو العامه بقيادة المهندس احمد اسماعيل و منشأة نصر الميكانيكية و شركة الصناعات الميكانيكيه في الاسكندريه وشركات اخرى... جميعها تابعة للدولة)). بالاضافه الى القطاع الخاص في الشيخ عمر ساهموا في تصنيع البراجيم(البولتات)
4-تم إنشاء (( أفران صهر خاصة)) في موقع الجسر (( لتثبيت البولتات...مسمامير ربط القطع الحديدية ((لبدنة وهيكل الجسر)).
لقد كان شعار الجميع هو إزالة (( ركام ما دمرته الطائرات الامريكية)).... و بناء جسر (( معلق جديد)) لقد وَفَوا بذلك (( التحدي)) و افتتح الجسر في أواسط عام ((1995)).... ولا زالت اسماء من شارك بهذا (( التحدي الهندسي العراقي ))...محفورة (( على لوحات على جانبي الجسر المعلق في بغداد)). واستمر المرور على هذا الجسر لغاية سقوط بغداد ((2003)) و تم إغلاقه من قبل القوات الامريكية ...و الحكومات الاخرى لأن المنطقة (( الخضراء و السفارة الامريكية)) تقع بالقرب من ضفة الجسر من جانب (( الكرخ )) .
الا ان في عام ((2018)).... بعد ((15 عام من الإغلاق ))
تم السماح بالعبور و إستخدام هذا الجسر (( لساعات محددة))
لقد كتب الصديق المرحوم الشاعر ((عبد الرزاق عبد الواحد)) قصيدة حول إعادة بناء هذا الجسر مطلعها-
((كُنّا نقول على المعلق نلتقي)))
نرفع الهامات فخراً بكم
نرفع القبعات لكم.
ملاحظه اقيم الان جسرين على جانبي الجسر المعلق شوهت منظره وشكله المعماري الجميل.