تفكيك القوة دون إسقاط النظام
مجاشع التميمي
الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على إيران ليست مجرد ردود فعل عسكرية، بل تمثل جزءًا من استراتيجية دقيقة تهدف إلى تقويض القدرات النووية والصاروخية الإيرانية، مع الحفاظ على بقاء النظام. إيران اليوم مكشوفة أمنيًا أمام كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وتبدو عاجزة عن حماية منشآتها الحساسة أو الرد بشكل مباشر، ما يؤكد حجم الاختراق والضعف البنيوي في منظومتها الدفاعية.
الهدف الحقيقي ليس إسقاط النظام، بل إنهاكه وتفكيك أدوات قوته، بما يضمن تحجيم نفوذه الإقليمي دون خلق فراغ سياسي قد تستغله قوى أخرى مثل تركيا. فالمعادلة الجيوسياسية الحالية تقوم على توازن دقيق؛ سقوط النظام الإيراني قد يخلّ بهذا التوازن ويفتح المجال أمام تمدد تركي غير محسوب، وهو ما تخشاه واشنطن وتل أبيب على حد سواء.
إسرائيل تسعى إلى تدمير البنية التحتية النووية والصاروخية الإيرانية بدعم دولي، لكن ضمن حدود لا تؤدي إلى انهيار النظام. هذه الضربات تمثل مرحلة جديدة من مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي تسارعت ملامحه منذ 7 أكتوبر 2023، وهي تسير بخطى مدروسة نحو إعادة رسم خرائط القوة