خبير يدعو إلى إستراتيجية تجعل السياحة رافداً بديلاً عن النفط:
إنفاق العراقيين على السفر يستنزف العملة الأجنبية دون عائد مكافئ
بغداد - قصي منذر
دعا الخبير الاقتصادي منار العبيدي، إلى اعتماد استراتيجية وطنية شاملة تجعل من السياحة رافدًا اقتصاديًا حقيقيًا بديلاً عن النفط، منبهًا إلى الخلل الكبير في ميزان مدفوعات السفر واستنزاف العملة الصعبة دون عائد مكافئ. وقال العبدي في بيان تابعته (الزمان) أمس إن (بيانات وزارة السياحة التركية أظهرت أن عدد العراقيين الذين زاروا تركيا خلال عام 2024 تجاوز 968 ألف شخص، مسجّلًا انخفاضًا بنسبة 8 بالمئة مقارنةً بعام 2023 الذي شهد أكثر من مليون زائر عراقي، وفي المقابل، أعلنت الهند عن إصدار أكثر من 35 ألف تأشيرة لمواطنين عراقيين خلال العام نفسه، معظمها لأغراض طبية وتعليمية)، وأضاف إنه (برغم غياب إحصاءات دقيقة من الجهات الرسمية العراقية مثل وزارة النقل أو مديرية الجوازات، فإن أعداد العراقيين الذين سافروا إلى خارج البلاد خلال العام الماضي تقدر بأكثر من مليوني شخص).
وأضاف إنه (بالاستناد إلى تقديرات إنفاق الفرد العراقي في السفر الخارجي، الذي يبلغ وسطيًا نحو 3 الاف دولار للشخص الواحد، شاملةً تذاكر السفر والإقامة والتنقل والمصاريف الترفيهية، فإن إجمالي الإنفاق الخارجي للعراقيين يُقدّر بما يزيد على 6 مليارات دولار سنويًا)، ومضى إلى القول إن (البنك المركزي العراقي قد كشف في تقاريره الرسمية أنه باع ما يزيد عن 3 مليارات دولار نقدًا للمسافرين خلال العام نفسه، ما يشير إلى أن ما لا يقل عن مليون مسافر حصل على العملة الصعبة مباشرةً من نافذة البنك، بالإضافة الى ان حجم السحوبات من بطاقات الدفع الالكتروني خارجيا تجاوزت حاجز الـ 15 مليار دولار، برغم ان جزء كبير منها لم يستخدم بشكل تام لأغراض السفر، الا ان المتوقع ان 3 مليارات دولار اخرى تم انفاقها بواسطة بطاقات الدفع الالكتروني خارج العراق من قبل المسافرين العراقيين)، وأوضح العبيدي إنه (في المقابل تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد الزوار الأجانب إلى العراق في عام 2024 بلغ 1.5 مليون زائر من غير إقليم كردستان، وأكثر من 3.4 مليون زائر في مناسبة زيارة الأربعين فقط، بالإضافة إلى 1.7 مليون زائر أجنبي للإقليم خلال العام ذاته، حسب مجلس السياحة الإقليمي، أي أن إجمالي عدد الزوار الأجانب إلى العراق تجاوز 6.6 مليون زائر في عام واحد، وهو رقم مرتفع نسبيًا مقارنةً بعدد من الدول السياحية في المنطقة)، وأشار إلى إن (المفارقة هي معدل إنفاق الزائر الأجنبي إلى العراق لا يتجاوز 200 دولار للفرد، نتيجة انخفاض كلفة الإقامة والتنقل، ولاسيما خلال المناسبات الدينية، اذ يشير تقرير صادر عن هيئة الاحصاء العراقية الى ان معدل الانفاق للزوار في الزيارات الدينية وتحديدا الزيارة الاربعينية لا يتجاوز الـمئة دولار، وعدم الاعتماد على خطوط الطيران المحلية العراقية في التنقل، ولاسيما إن حصة شركات الطيران العراقية من مجمل الرحلات الى البلاد لا تتجاوز حاجز الـ 40 بالمئة، وبالتالي فإن جزء من تكاليف شراء بطاقات السفر للقادمين الى العراق تذهب الى شركات اجنبية وليست عراقية).
وشدد العبيدي على القول إن (الفارق الصارخ بين حجم الإنفاق الخارجي للعراقيين وحجم العائدات من السياحة الوافدة يؤدي إلى عجز كبير في ميزان مدفوعات الخدمات، ويتسبب في استنزاف العملة الصعبة من الداخل نحو الخارج، دون وجود تعويض مكافئ عبر الإيرادات السياحية)، مؤكداً إن (معالجة هذا الخلل يكون عبر مسارين هما رفع معدلات إنفاق الزائر الأجنبي إلى العراق لتصل إلى نحو الف دولار للفرد، ما يعني إمكانية تحقيق 6 مليارات دولار سنويًا من العائدات السياحية، وهو رقم يعادل ما ينفقه العراقيون في الخارج، ويتم ذلك من خلال توفير خدمات مدفوعة التكاليف للزوار لزيادة انفاقهم في العراق وتحسين الخدمات المختلفة في العراق لضمان بقائهم لفترة اطول وبالتالي زيادة حجم الانفاق، او زيادة عدد الزوار الأجانب إلى نحو 12 مليون زائر سنويًا بمعدل إنفاق حالي من 200إلى300 دولار، وهو ما يكفي لتحقيق التوازن في ميزان مدفوعات السفر)، ولفت إلى إن (الوصول إلى هذه الأرقام ليس مستحيلًا، فالعراق يمتلك مقومات سياحية استثنائية، ولاسيما في مجال السياحة الدينية التي يمكن أن تستقطب الملايين من دول مثل الهند وباكستان وبنغلاديش وإيران والصين وبلدان إفريقيا، لما تمثّله الأماكن المقدسة من قيمة روحية لسكان هذه الدول، إلى جانب ذلك، يتمتع العراق بثروة هائلة من المواقع الأثرية والتاريخية، ما يؤهله ليكون بلدًا سياحيًا عالميًا بامتياز، لا مجرد دولة نفطية).