الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فلسفة فريضة  الحج ودلالاتها

بواسطة azzaman

فلسفة فريضة  الحج ودلالاتها
موسى عبد شوجة


ما أجمل ..وأبهى.. ذلك المشهد واعظمه ...حينما ترى الافئدة...ندية تنبض بصدق كينونتها وعرفانها وانفاس حبّها وولائها...وهي تسعى وتطوف حول كعبة العشق...بمناسك قدسية..تنهل من عبير واريج سناء البيت العتيق... لتخّضب مهجّها وفيض  شوقها من ذلك البهاء...الممتد من سرادق العرش وسماواته...وبحر رحمته ولطفه وغفرانه....
نعم ...تطوف أرواحهم قبل اجسادهم  حول ازكى واشرف واقدس بيت بالوجود ...لتغتسل بضياء هذا البيت ومسك حجره الأسود   من ادران ترسبات الذنوب والمعاصي....فهي ضيوف أكرم مأتي....وغوث غياث المذنبين..وحبيب التوابين...ومجير الاجئين... وملجأ المؤمنين..
نعم اندمجت الارواح.....في صومعة العشق والخشوع...وهي تسعى بين الصفا .والمرؤه وسلسبيل بئر زمزم....

تعرجُ نحو سفح جبل عرفات لتعترف بما اعترفت اياديها ..وارجلها..ولسانها..وكل جوارها... بكل شاردةٍ ووارده من معاصي وذنوب..لتعلن اقرارها امام معبودها....ومضيّفها...وهي تأمل...فيض رحمته...واحسانه....
نعم...واقفة بصلابة وشدة تقر  اللعنة للجبت والطاغو ت ...مهلهلة لترجّم ..كل شيطان رجيم...معلنة البراءة من براثم اغواء ابليس وجنوده....
فالحج  كما هو واضح ركن من أركان الدين وتركه مع الاعتراف بثبوته معصية كبيرة كما إن إنكار أصل الفريضة قد يصل إلى الكفر.وقد روى عن الإمام الحسين عليه السلام (من مات ولم يحج حجة الاسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحج، أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً).
نعم  الحج من أركان الاسلام المهمّة ومن أكبر العبادات الدينية والسياسية والاجتماعية، ذات المفاهيم والمدلولات الجليّه . حيث أشارت الايات القرآنيه وما روي من أحاديث رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الاطهار علی اهمية فريضة  الحج وقيمتها ودلالاتها في الفقه الإسلامي . وإنّ ثواب أدائها  بشرطها وشروطها   هي عظيمة لاتدركها عين او اذن...
كما أن  العقوبات لشديدة ومهوله  لمن يهمل او يستخف لاداء هذه الفريضة  .
لان جوهر  هذه العبادة الاسلامية الكبرى لما تحمل  من أسرار، وحكم، ومن فلسفة وهدف. يجب ان يدركه المسلم ويفهمه ...ويستلهم مناسكه وطقوسه.
كما اود الاشاره هنا  ان فريضة  الحج  فرض عين لا كفايه.والتي  تستوجب على كل مسلم  ان  يؤدي هذه الفريضه من استطاع وتمكن.
قال تعالى (( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ.))
ولو نمحص فريضة الحج سنرى من أهم جوانب  فلسفة  الحجّ هو الجانب العرفاني، والذي يقصد منه معرفة مناسك الحجّ وآدابه المعنويّة المبتنية على الحقائق  من خلال تهذيب النفوس وصقل  شغاف الأفئدة، حتّى تكون مرايا صافية بزئبقها ورونقها وهي تجسم الحقائق من دون التجشم للاستدلال عليها بالعقل والبراهين العقليّة، أو النقليّة والسمعية فمن  يمحص فلسفة الحجّ من خلال هذه الرؤيا انما يستدل ان هناك حقيقة ناصعة  مؤطرة بالمعارف والأسرار الخفيّة والألطاف الجليّة والتي  تشير بوضوح لأنغماس الروح في تماميّة الحجّ العبادي والعرفاني والعملي.

وحينما تزحف هذه السيول البشرية وتتوحد  بوشاحها المتناظر الابيض الناصع مع قدسية المناسك وهي متوجهه الى خالقها معبّرة بفيض حبّها وعشقها السرمدي لمعبودها.. ..صادحة حناجرها  بأجمل كلمات التلبية ( لبيك اللهم لبيك..لبيك لا شريك لك لبيك..ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ...لبيك) والاقرار  بالعبودية المطلقه لله عز وجل ....لذا علينا أن نجرد فؤادنا من كل اثر وموطن  لحبّ الدنيا ومعالمها الزائفه.. ولتبقى مساحة القلب يملكها  عشق واحد صادق سرمدي ما بقي الليل والنهار  لله الواحد الأحد... وعلينا ان  نحرر النفوس من قيود وبراثم  كل نفاق او رياء او معصية او جحود.
****************************

 


مشاهدات 43
الكاتب موسى عبد شوجة
أضيف 2025/05/16 - 7:37 PM
آخر تحديث 2025/05/17 - 6:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 350 الشهر 20876 الكلي 11014880
الوقت الآن
السبت 2025/5/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير