النقد التفاعلي.. الفلسفة الجديدة للقراءة والمشاركة الأدبية

 عبدالكريم الحلو

 

مقدمة

* مع التحولات الكبرى التي شهدها العالم في العصر الرقمي، تغيّرت أنماط التلقي الأدبي وتبدلت علاقة القارئ بالنص والناقد.

* في هذا السياق، ظهر مفهوم “النقد التفاعلي” كاتجاه حديث يسعى إلى إعادة تعريف أدوار النص، والناقد، والقارئ، ضمن عملية ديناميكية قائمة على الحوار والمشاركة والتأويل المتعدد.

تعريف النقد التفاعلي :

* النقد التفاعلي هو مقاربة نقدية حديثة تقوم على التعامل مع النص الأدبي بوصفه فضاءً مفتوحًا للتأويل،

* وتشرك القارئ بفاعلية في بناء المعنى، من خلال خلق حوار حيوي بين النص، والناقد، والجمهور.

* في هذا النموذج، يصبح الناقد محاورًا لا قاضيًا، ويتحول النص من كيان مغلق إلى كيان متجدد تُعاد قراءته وتأويله باستمرار.

مرتكزات النقد التفاعلي

1. حيوية النص:

النص الأدبي ليس منجزًا مغلقًا، بل كيان حي يتفاعل مع الأزمنة والقرّاء المختلفين.

2. دور الناقد كمحاور:

يتخلى الناقد عن دور الحَكم المتعالي، ويتبنى دور المنفتح الذي يثير الأسئلة أكثر مما يصدر الأحكام.

3. مركزية المتلقي:

القارئ ليس متلقيًا سلبيًا، بل مشارك نشط في إنتاج الدلالة والمعنى.

4. ديناميكية السياق:

النقد يتغير مع تغير السياقات الثقافية والاجتماعية والتقنية، مما يجعل القراءة دائمًا متجددة.

5. التعددية التأويلية:

لا وجود لتأويل واحد نهائي، بل هناك احتمالات متعددة للقراءة والفهم.

أسباب نشأة النقد التفاعلي

• تطور وسائل التواصل الرقمي وظهور منصات تسمح بمشاركة الآراء الفورية.

• تراجع النقد السلطوي الذي كان يحتكر المعنى والأحكام.

• صعود النظريات التأويلية (الهيرمينوطيقا، التفكيك) التي تؤمن بأن النصوص تحمل معاني لا نهائية.

 • الحاجة إلى تجديد العلاقة مع الأدب في ظل التغيرات السريعة في الذائقة الثقافية.

تطبيقات عملية للنقد التفاعلي

 • جلسات القراءة المفتوحة: حيث يتم قراءة النصوص جماعيًا وتداول القراءات المختلفة لها.

 • النقد عبر المنتديات والمنصات الرقمية: حيث يطرح الناقد قراءة أولية ويدعو القراء للنقاش والمساهمة بتأويلاتهم.

 • المقالات النقدية التفاعلية: حيث تكتب المقالة بأسئلة مفتوحة للقارئ بدلًا من تقديم نتائج نهائية.

 • ورش الكتابة الإبداعية: حيث يُطلب من المشاركين تفسير النصوص بطرقهم الخاصة ضمن حوار نقدي حر.

مثال تطبيقي :

عند قراءة قصيدة حديثة مثل:

 “مسقط الروح”

للشاعر حامد خضير الشمري،

https://www.facebook.com/share/1F5cykXxxX/?

    لا يقوم الناقد التفاعلي بإصدار حكم مباشر، بل يبدأ بطرح أسئلة مثل:

• ما هي الدلالات الممكنة لـ”مسقط الروح”؟

• كيف يمكننا تفسير علاقتها بالزمن أو بالمكان أو بالذاكرة الجماعية؟

• كيف يقرأ كل قارئ رمزية الصورة المركزية في القصيدة؟

ثم يتطور النقاش بحسب تعددية القراءات، دون أن يفرض الناقد  - الدكتور عبدالكريم  الحلو  -  معنى واحدًا مغلقًا.

أهمية النقد التفاعلي

• إحياء روح القراءة المشتركة.

• تجديد العلاقة مع النصوص      الكلاسيكية والمعاصرة.

• تحرير القارئ من الخضوع للأحكام         الجاهزة.

• دفع حركة الإبداع نحو مزيد من الحرية والابتكار.

خلاصة

النقد التفاعلي لا يلغي دور الناقد،

بل يعيد تعريفه.

في زمن التحولات الكبرى، لم يعد النص الأدبي مجرد أثر يُفسَّر، بل أصبح كيانًا يتجدد كلما أعيدت قراءته.

والناقد التفاعلي هو ذاك الذي يوقظ الحياة في النص، لا الذي يضعه في قفص الأحكام الجاهزة.

الدكتور   عبدالكريم الحلو