بوح متأخر
هدى جاسم
اعلنت امام مرآتها انها لم تعد تلك الفتاة الصغيرة التي تفرح بابتسامة ظنا منها انها صادقة ،ولم تعد تتخذمواقفها بناء» على كلام يدس السم في العسل ، سألت نفسها « ماذا اصابني وقد جعلت من نفسي العوبة بيد من لايرحم ؟»،قررت ان تفسر كل خطوة باتجاه سنوات عمرها التي انقضى منها الكثير وهي تفتح كلتا ذراعيها ولا ذراع يضمها من خوف او فقد او احتياج لموقف .
عندما خطت اولى سنواتها بالحب كانت تفرح بكلمة وتحلق بموقف وان كان جافا الا من المصالح ، تكللت المصالح بعقد شهد عليه الجميع الا قلبها وهي الوحيدة التي كانت تكذب قلبها الذي انصاع لمجهول بفعل ارادتها بانها قد وجدت الحب اخيرا ، في قلبها وجع يقول ان تلك الخطوات لم تكن صحيحة، لكنها اصرت امام سيل الكلمات الكاذبة والوعود بحياة افضل.
مضت الايام وهي تقول غدا سيكون افضل وتحاول ان تقنع قلبها بان القادم سيحمل الكثير من المفاجآت بحياة اجمل ، تكررت المواقف وكانت المفاجأة ان القادم كان اسوء بكثير مما توقعت ، حاولت ان تثبت لنفسها قبل غيرها او قرار المضي بعمرها من اجل اخر لايحمل لها سوء مشاعر الاستنزاف المبكر لكل ماتحمله من مشاعر .
قالت ربما اكون مخطئة .. وضعته باكثر من اختبار وواجهته باكثر من موقف ،حاولت ان تجد له اي مبرر لمواقفه فوجدت انها هي المخطئة لانها اجازت لنفسها العطاء بلا جزاء ومواقف مبهجة مقابل شكوى بلا مبرر ، اعتاد هو ان ياخذ وان يجد فيها امومة لاتنتهي وعطاء بلا سؤال ، وعندما واجهته بعد سنين طويلة وقد فقدت شغف الحب ، واجهها بانها تغيرت وعطاؤها قد جفت منابعه ، واجهته بالجفاء وواجهها بابتسامتها الخافتة ، واجهته بخلو مكانه في حياتها وهي تواجه اصعب الظروف وواجهها بانها لم تعد تلك الفتاة التي تركض قبله في المهمات الصعبة .
عندما تلاشت المواجهات وجدت نفسها بلا مبرر للبقاء ..قررت الرحيل بعيدا بقلب منكسر وخطوات متثاقلة بعد رحلة سنوات طويلة محملة بامرض مزمنة ووجع لايشبه وجعا اخر.. قررت الرحيل وهو يتمسك بثيابها كطفل لايقوى على الحياة بلا امه التي تراقب تفاصيل حياته وتدعمه في مواجهة اي انكسار .. لكنها رحلت وان كانت بنفس المكان الذي يعيش فيه ،رحلت بدقات قلب نادم على رحلة لم يكن لها فيها غير العطاء، رحلت وهو مستمريطلب منها العطاء ويكذب مايسمع بانها تطلب منه الرحيل عن حياتها لتعيش وحيدة نادمة تلبس ثياب الحداد على مامضى وعلى ماتبقى .