رقصات قلب لا تهدأ
ثامر محمود مراد
في عتمة السكون، حيث تستلقي الأرواح على وسائد الذكرى، يولد الحلم كزهرةٍ برية لا تستأذن، يشق طريقه من أعماق القلب إلى فضاء خيالٍ لا يعرف حدودًا. هناك، في تلك المسافة الرقيقة بين النوم واليقظة، يرسم العاشق ملامح من يحب على صفحة الحلم، فيراها أقرب من أن تُوصف، وأجمل من أن تُنسى.
العين التي أغمضها الليل لم تنم، بل كانت تراقص صورًا سكنت الذاكرة، وتحلّق حول وجهٍ استوطن القلب. وما إن يتجسد ذلك الوجه المشرق، حتى تصبح الأحاسيس كفراشاتٍ مغرمة، تقترب من النور الذي تحترق لأجله. قبلة الحلم، وإن بدت عابرة، تحمل شوق ألف لحظة وحنين ألف غياب.
لكنّ الحلم لا يدوم، والصبح لا ينتظر. ها هو القلب يستفيق، لكنه لا يعود وحده، بل يقوده الحنين إلى تكرار الزيارة. الأقدام تمضي وكأنها تعرف الطريق إلى حيث السكينة والاضطراب معًا. هناك، بين الوجنتين، ينشأ صراعٌ من نوعٍ آخر: أيّهما يَحظى بالقرب؟ وأيهما يُترك للانتظار؟ فالغيرة لا تطرق باب الأحبة إلا حين يتأخر الموعد، وحين يُعانق أحدهما الحضور، يبكي الآخر في صمت الوحدة.
وهكذا، تتكرر الرحلة... لا لشيء إلا لأن العشق حين يفيض، لا يكفيه الحلم، ولا تسعه الحياة. يطلب المزيد... من القرب، من النظرة، ومن دفء اللقاء. إنه الحب حين يكون صادقًا، يجعل الحلم حياة، واليقظة موعدًا متجددًا مع الشوق.