الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حديث‭ ‬العصفورة

بواسطة azzaman

حديث‭ ‬العصفورة

نزار محمود

 

حدثتني‭ ‬العصفورة‭ ‬وروت‭ ‬لي‭ ‬حكايات‭ ‬القصر‭ ‬والديوان‭.‬

قالت‭ ‬بينما‭ ‬كنا‭ ‬جلوساً‭ ‬على‭ ‬الأرائك‭ ‬إذ‭ ‬بفارس‭ ‬يعكر‭ ‬علينا‭ ‬أنسنا‭ ‬ويحيل‭ ‬علينا‭ ‬الأمان‭ ‬الى‭ ‬رعب‭ ‬وإرهاب‭ ‬حين‭ ‬قال‭:‬

جيوش‭ ‬الأعداء،‭ ‬يا‭ ‬سادتي،‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭!!‬

صرخ‭ ‬الكثيرون‭ ‬بعفوية‭ ‬في‭ ‬وجهه‭:‬

عن‭ ‬أي‭ ‬أعداء‭ ‬تتحدث؟‭!‬

تريث‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬ثم‭ ‬أجاب‭:‬

عن‭ ‬أعدائنا‭ ‬الذاتيين،‭ ‬أصحاب‭ ‬السعادة‭ ‬والأنس‭!!‬

ويحك،‭ ‬ماذا‭ ‬تقصد‭ ‬بذلك؟‭ ‬تساءلوا‭.‬

عدوكم‭ ‬الأول،‭ ‬يا‭ ‬سادتي،‭ ‬هو‭ ‬لهوكم‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يعانيه‭ ‬ما‭ ‬تسمونه‭ ‬بالرعية‭. ‬وهو‭ ‬عدوكم‭ ‬ما‭ ‬تضيعونه‭ ‬من‭ ‬زمن،‭ ‬وما‭ ‬تسرفون‭ ‬فيه‭ ‬مما‭ ‬تسرقونه‭ ‬من‭ ‬قوت‭ ‬شعبكم‭ ‬ومستلزمات‭ ‬بناء‭ ‬حياته‭.‬

أجاب‭ ‬والرعب‭ ‬يأكل‭ ‬من‭ ‬شجاعته‭.‬

وزير‭ ‬الشرطة،‭ ‬يستأذن‭ ‬صاحب‭ ‬الأمر‭ ‬بالقاء‭ ‬القبض‭ ‬عليه،‭ ‬ووزير‭ ‬الإعلام‭ ‬يستسمح‭ ‬

لم‭ ‬يسمح‭ ‬السلطان‭ ‬لهذا‭ ‬ولا‭ ‬لذاك،‭ ‬بل‭ ‬قام‭ ‬من‭ ‬مقعده‭ ‬ونفض‭ ‬عن‭ ‬وعيه‭ ‬السكرة‭ ‬وأشار‭ ‬للحاجب‭ ‬بانصراف‭ ‬الجواري‭ ‬والغلمان،‭ ‬وحدق‭ ‬بغضب‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬وعاظه،‭ ‬وبدأ‭ ‬بالحديث‭:‬

ولكنك‭ ‬تعلم‭ ‬أيها‭ ‬الصعلوك‭ ‬حامل‭ ‬ما‭ ‬وهبناك‭ ‬إياه‭ ‬من‭ ‬سيف،‭ ‬بأن‭ ‬شعبنا‭ ‬اختار‭ ‬من‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬وخبراء،‭ ‬حريصين‭ ‬على‭ ‬استقامة‭ ‬أمره،‭ ‬وعاملين‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬شأنه‭.‬

استأذن‭ ‬الفارس‭ ‬بالرد،‭ ‬فإذن‭ ‬له،‭ ‬فقال‭:‬

سيدي‭ ‬السلطان،‭ ‬انهم‭ ‬يخدعونك‭ ‬في‭ ‬محبة‭ ‬الشعب‭ ‬لهم‭ ‬وثقته‭ ‬فيهم‭. ‬انهم‭ ‬يطربونك‭ ‬في‭ ‬الليل،‭ ‬ويغيبون‭ ‬عنك‭ ‬في‭ ‬النهار‭. ‬تجول‭ ‬في‭ ‬بيوت‭ ‬الرعية،‭ ‬وافتح‭ ‬قلوب‭ ‬الناس،‭ ‬زر‭ ‬السجون‭ ‬واستمع‭ ‬الى‭ ‬مناحات‭ ‬الأرامل‭ ‬وبكاء‭ ‬الأيتام،‭ ‬فستعلم‭ ‬حينها‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬نواب‭ ‬تتحدث،‭ ‬وعن‭ ‬أي‭ ‬وزراء‭! ‬دع‭ ‬عيونك‭ ‬الطاهرة‭ ‬تحدثك‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬سرقوه‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬المسكين‭ ‬الذي‭ ‬رضا‭ ‬بحمى‭ ‬البطالة‭ ‬والعوز‭ ‬بعد‭ ‬الحروب‭ ‬والارهاب،‭ ‬وعندها‭ ‬ستحكم‭ ‬برجاحة‭ ‬عقلك‭ ‬وصفاء‭ ‬قلبك‭ ‬وطهارة‭ ‬نفسك‭ ‬على‭ ‬استقامة‭ ‬حكمك‭ ‬وحلال‭ ‬عيشك‭!‬

أنكس‭ ‬السلطان‭ ‬برأسه،‭ ‬نظر‭ ‬حوله‭ ‬فلم‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬مجلسه‭ ‬سوى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬حرامية‭ ‬ومنافقين‭ ‬وعملاء‭!‬

حينها‭ ‬أدرك‭ ‬السلطان‭ ‬صحة‭ ‬معنى‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الفارس‭:‬

الأعداء‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭!!‬


مشاهدات 14
الكاتب نزار محمود
أضيف 2025/05/16 - 4:45 PM
آخر تحديث 2025/05/17 - 2:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 953 الشهر 21479 الكلي 11015483
الوقت الآن
السبت 2025/5/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير