فاتح عبد السلام
لا يزال السلاح بين أيدي الناس ويجري استخدامه في نزاعات شخصية وعشائرية في المدن، وليس في الأرياف فحسب. هذه حقيقة تظهر وتختفي بحسب المواسم والأيام، لكنّها موجودة وثابتة.
هناك مسؤوليات متراتبة في التصدي لهذه الظاهرة، وتكون وزارة الداخلية في مقدمة الركب، لكن ذلك يضعها امام الواجب الكبير الذي يبدو التقصير فيه بابا تهب منه ريح عاتية تعصف بأمن الناس وراحتهم واستقرارهم. قبل قليل حدثت في مكان في العاصمة الخالدة بغداد، مواجهة مسلحة بالبنادق بين شخص على سيارة وآخرين على دراجة، وانتهت بمقتل صاحب السيارة برصاصة في صدره، وتمكن القاتلين من الاستيلاء على سلاحه وسيارته والفرار الآمن أمام عيون المواطنين العُزّل يبدون خارج المنازلة المسلحة وأسبابها .
نعلم ان في الداخلية أجهزة متخصصة بمكافحة الاجرام وان هناك استخبارات متشعبة وان الوصول الى المجرمين ليس امرا صعبا في بغداد، لذلك لا يكفي ان تكون الجريمة على هذه السعة من الانتشار عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال فيديوهات صورها بعض المواطنين وانتشرت بسرعة فائقة، في حين ان القاء القبض على المجرمين يتم بصمت ولا يظهر في الاعلام، بل لا تعرف به المنطقة السكنية ذاتها التي شهدت وقوع تلك الجريمة.
هناك سلاه الردع المعنوي والتعبوي والإعلامي، لابد ان تقوم الداخلية بدراسة الأساليب المناسبة في الرد على الجريمة، ليس من خلال كشفها وتقديم مرتكبيها للعدالة، ولكن من خلال اظهار عزم الأجهزة ذات السلطة التنفيذية والقانونية في الوسط الاجتماعي المحدد المعني بجريمة معينة.
بعض الأحيان، جرى عقد ورش عمل وندوات بالتعاون من اكاديميين في الجامعات ومراكز البحوث في متابعة الجريمة وسبل مكافحتها الاستباقية او في الخطوات التي تلي وقوعها، لكنها ندوات متباعدة، ولا تحظى برعاية رسمية قوية من الدولة ، ومن ثم تضيع الأبحاث والمداخلات الجيدة والتي من الممكن ان تكون مسارات تنفيذية جيدة لتعزيز تطبيق القانون او من الممكن في كثير من الأحيان ان تكون نواة لقوانين مستقبلية .
“الداخلية” التي تعتزم اليوم تجديد وسائط نقل أجهزتها بأسطول من السيارات الحديثة المطورة، هي أحوج ما تكون الى تجديد الأجهزة ذات الصلة بالأوضاع البيئية لوقوع الجرائم وتحصر أوساطها، مع حصر السلاح السائب، وتقويم تجربة شراء الأسلحة التي لا تبدو ذات أثر عملي كبير.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية