إرتفاع ضغط الدم وخطورة عدم إدراك الإصابة
جاسم مطشر ثامر العزاوي
ماهو؟
هو مرض خاص بجهاز الدوران ومن الأمراض المزمنة الشائعة في كل العالم بل، الأكثر شيوعاً وليس له أعراض خاصة به، لكن له مضاعفات كثيرة في القلب والأوعية الدموية أينما وجدت .
تبدأ مضاعفاته بالتدريج غير المنظور، وإذا لم يشخص ويعالج تتزايد المضاعفات مؤدية إلى طيف من متلازمات مرضية يصعب علاجها في الحالات المتقدمة.
وبائيات مرض إرتفاع ضغط الدم:
إستناداً إلى أرقام منظمة الصحة العالمية، قدر عدد المصابين به تقريباً مليار و ربع لدى البالغين، أي الأكبر من 30عاماً، ونصف المصابين لا يدركون إصابتهم، ونصفهم لا يبالون بعلاجه ولا يحققون السيطرة عليه حتى لو حاولوا.
لماذا الإهتمام بمرض إرتفاع الضغط؟
نال ارتفاع ضغط الدم إهتماماً عالمياً؛ بسبب المضاعفات الشديدة التي يحدثها ونسبة العوق والوفاة العالية المترتبة عليه؛ لذا فأن هناك نشاط عالمي تعليمي توعوي لإثارة الاهتمام بارتفاع الضغط و وضع معايير عالمية وإجراء بحوث لكشفه والسيطرة على مضاعفاته وتسجيل البيانات الخاصة به .
أُنشأت مؤسسات متخصصة حكومية و غير حكومية في كل دول العالم تعقد فعاليات ومؤتمرات عالمية و اقليمية و وطنية مستمرة و حدد يوم ١٧ من شهر مارس يوميا عالميا لارتفاع ضغط الدم للقيام بفعاليات توعية و تعليم و تدريب خاص.
الضغط كمفهوم فيزيائي
الدم يسير في أنابيب محكمة و يتم ضخه من القلب لذا فأنه يحكم بقوانين حركة السوائل في الأنابيب و هي عملية علمية فيزيائية و من أجل فهم موضوعنا لابد لنا من إعطاء فكرة عن الضغط بشكل عام في الأنابيب و أهميته و طرق زيادة الضغط و نتائجه .
يعرف ضغط السوائل في الأنابيب بإنه (القوة) التي يفرضها السائل على جدار ذلك الأنبوب عند اندفاعه فيه والذي ينظم جريانه ويتأثر بالعوامل المحيطة قسم تخص السائل و قسم تخص الأنبوب وحركة السائل وقطر الأنبوب وسرعة السائل وكثافته وعمود ارتفاع السائل، هي العوامل الأساسية لمقدار هذه القوة، وهناك قانون فيزياوي خاص (قانون برلوني) بقياسة تتضمن معادلته عوامل هي سرعة السائل وكثافته والارتفاع والجاذبية الأرضية وله تطبيقات في كل الصناعات والعمليات التي يوجد فيها أنبوب وسائل يجري فيه، عند حدوث اختلال في العوامل أعلاه يحصل اختلال في قيمة الضغط (يقاس الضغط بوحدة فيزيائية تسمى باسكال وتمثل القوة المسلطة على وحدة المساحة) وفي حالة ضغط الدم يقاس بعمود الزئبق في جهاز القياس.
الضغط في جسم الإنسان:
في الجسم تتجسد هذه الحالات في حركة الدم وهو سائل يحتوي مواد كثيرة، يسير في أنابيب، هي الاوعية الدموية، بقوة جريان ثابتة نسبياً وبمعدلات تعتبر طبيعية لدى غالبية الناس الا انها تتأثر بعوامل حيوية كثيرة .
ارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه يعتبران مرضين بحد ذاتهما سواء وجدت لهما أعراض وأسباب ام لا، فالعوامل التي تنظم الضغط في الاوعية الدموية هي :
-قوة ضخ الدم من القلب
-حجم الدم ويرتبط بنسبة الماء والمعادن وبالخصوص الصوديوم في الدم وحبس السوائل في أجهزة الجسم الأخرى وبالخصوص البولي .
-زيادة مقاومة الاوعية الدموية لأسباب غير معروفة أو فرط فعالية الجهاز العصبي والهرمونات .
تأثير ارتفاع الضغط على الخلايا:
لكون الأوعية الدموية تتكون من خلايا ومواد مساندة فأن هذه الخلايا تتأثر بزيادة جريان الدم في حالات ارتفاع الضغط؛ فتحصل فيها تغيرات تركيبية ووظيفية وتترسب حولها مواد ودهون وألياف، بسبب ما يحدث من تغيرات أو تشققات صغيرة في بطانة الجدار، ببطء متزايد.. في البداية لا يشعر المريض بأعراض ولا علامات، ومع تطور التلف في الاوعية تظهر العلامات والمضاعفات.
إرتفاع ضغط الدم يحتاج زيادة فعالية العضلة القلبية لضخ الدم بمواجهة القوة الناتجة عن ارتفاع الضغط، وهذا يؤدي إلى تغييرات في خلايا العضلة القلبية.. تضخمها في البدء وعجزها لاحقا .
وما يحصل من تغيرات في القلب والاوعية الدموية وغيرها، لن يعود إلى سابق عهده، بل تتطور إلى ما هو أسوء لذا وجب معالجة الضغط لمنع هذا التدهور.
أشكال إرتفاع ضغط الدم
طالما يرتبط الضغط بالقلب.. مضخة الدم في العروق، و يعمل بالانبساط؛ كي يجمع الدم في تجاويفه، ثم التقلص ليضخ الدم في الشرايين؛ لذا ينتج وجهان للضغط.. إنبساطي وتقلصي، يمكن قياسمها بأجهزة ضغط الدم المستعملة حاليا، وعلى أساسها تقيم حالة المريض وحاجته للعلاج ومتابعة وضعه المرضي.
و لكون ارتفاع الضغط ليس له دلالات سريرية في البداية؛ لذا فالطريقة الوحيدة للتعرف عليه هي القياس، وبالتالي تشخيصه وتحديد شدته ومنع المضاعفات؛ لذا نوصي بقياس الضغط عدة مرات في السنة، والعمل على الوقاية منه و لو جزئياً؛ بتنظيم الغذاء والرياضة والنوم الجيد والرفاهية الإجتماعية والتخلص من التوتر.
إرتفاع ضغط الدم نوعان :الأول هو الأساسي الذي لا يوجد له سبب واضح، ومعالجته ممكنة، والثاني هو الثانوي وعادة يحصل في الأعمار الصغيرة، وله أسباب يعالج بمعالجتها.
القياس الطبيعي لضغط الدم حوالى 120/80 ملم زئبق، وعندما يرتفع ليصل إلى 140/90 ملم زئبق أو أكثر بإستمرار، يُعتبر ارتفاعًا في ضغط الدم ويقسم إلى ثلاثة مستويات والرابع هو ارتفاع ضغط الدم غير المستجيب للعلاج .
مضاعفات إرتفاع الضغط
تحصل المضاعفات في كل أنحاء الجسم التي تحتوي أوعية دموية، وطالما القلب مضخة الدم، يكون بمواجهة المرض مباشرة؛ ما يؤدي الى جهد كبير عليه يسبب التضخم وضعف الشرايين التي تجهز عضلاته بالدم وقد تتطور الحالة إلى مستويات تؤثر على التركيب الطبيعي للقلب ووظيفته، تصل إلى العجز أو قصور الشرايين التاجية أو كلاهما.
الكلى أحد أهم الأعضاء التي تتأثر بارتفاع ضغط الدم، وأحيانا هي سبب الارتفاع؛ لأن لها شريان تغذية وعقد دموية كثيرة جدا، وإفرازها هرمونات تلعب دورا مهما في الجسم وجهاز الدوران.. العيون وخاصة الشبكية لديها شبكة من الشرايين التي تتأثر بارتفاع الضغط، والدماغ أيضا لديه شبكة من شرايين التغذية فيتأثر بالضغط مع حدوث مضاعفات طارئة مثل الجلطة الحادة أو إنسدادات صغيرة متعددة تؤثر على وظيفته.
مضاعفات الضغط صعبة العلاج، وإذا تزامن وجوده مع مرض السكري وإرتفاع الدهنيات وقلة النشاط البدني والتوتر فالمضاعفات تزداد وتتعقد نتائجها.
معالجة إرتفاع ضغط الدم
اولا: التشخيص من خلال القياس بالأجهزة و تحديد شدته
ثانيا: البحث عن سبب له و خاصة عند الشباب
ثالثا: البحث عن المضاعفات.. القلب.. الكلية.. العيون.. الدماغ.. الاوعية الطرفية، وغيرها
رابعاً: البحث عن عوامل الخطورة والأمراض المصاحبة لمعالجتها
خامسا: تنظيم نمط الحياة الغذاء والنشاط والنوم والعلاقات الاجتماعية ومنع التوتر ودراسة حالة العائلة لاحتمال وجود عامل وراثي .
سادساً: البدء بالعلاج وكل مصاب له كيانه الخاص وإضافة إلى تنظيم نمط الحياة يتم اختيار دواء أو أكثر حسبما يراه الطبيب من شدة المرض ومضاعفاته وتقبل المريض وتركيبته الجينية .
و العلاجات تعطى استرشادا بمعايير عالمية متفق عليها ومثبتة بالأدلة والبراهين.
هناك عوامل خطورة و أمراض تصاحب ارتفاع ضغط، وعلاجها بدقة يسهل علاج ارتفاع ضغط الدم، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية يقلل ظهور المضاعفات، وأهم عوامل الخطورة، هي:
-قلة النشاط والحركة والرياضة
-زيادة الوزن والسمنة وخاصة تجمع الدهون في منطقة البطن
-التوتر النفسي
- تناول المأكولات الدهنية والمالحة
- التدخين... سنتحدث عن التدخين في مقال خاص .
- السهر
- وعوامل الخطورة تحتاج مقالات لتحديد تأثيرها ومن ثم علاجها
إرتفاع ضغط الدم والصوم
نود الان إعطاء ملاحظات عن علاقة الصوم بارتفاع ضغط الدم وما هي الحالات التي يجب أن يفطر على إثرها الصائم؛ لأن إرتفاع ضغط الدم يدخل في حكم الآية الكريمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
«يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر» صدق الله العلي العظيم.
علاقة الصوم مع مرض السكري مثلاً معقدة و فيها قرار طبي اولي، هو الإعفاء من الصوم لدى مرضى السكري؛ إلا إذا أذن الطبيب، أما في ضغط الدم فليس هناك قرار اولي لمنع الصيام؛ إذ أغلب الحالات يكون آمنا إذا إتبع الصائم إرشادات غذائية :
اولا: إذا مسيطرا عليه في مستويات طبيعية تحت المعالجة والعقاقير، وألا توجد وجبة دواء نهارية
و ثانيا: ليس له مضاعفات قد تؤثر على صحة القلب والكلى والعيون الدماغ وغيرها .
ثالثا: الالتزام بالغذاء الذي يوصي به الطبيب.
رابعا: الابتعاد عن تناول الأملاح والدهنيات والحلويات والسكريات
خامسا: تناول كمية السوائل المقررة له
سادسا: قياس الضغط مرتين في اليوم على الأقل والإفطار حال الإرتفاع ومراجعة الطبيب
سابعا: الابتعاد عن الإجهاد والقلق و الأعمال القاسية
يمنع الصوم في حالات:
اولا: إرتفاع الضغط الشديد أكثر من 180 / 110
ثانيا: في حال وجود مضاعفات متقدمة
ثالثا: التعرض إلى مضاعفات في صوم سابق
رابعا: في حالة وجود جلطات دماغية أو قلبية سابقة
خامسا: اذا كان يحتاج دواءً نهارياً .
سادسا: وجود أمراض أخرى مثل السكر وأمراض القلب والصدر .
بعد قرار الطبيب بخلو المريض من المضاعفات وتنظيمه العلاج بين الإفطار والسحور؛ لا مانع من الصوم، شرط الإلتزام بـ:
اولا: تهيئة المعدة للإفطار قبل الغذاء، بتناول تمرات وماء معتدل والإنتظار عشر دقائق.
ثانيا: توزيع الوجبة بين نصفين.. كمية من نشويات الحبوب أو الرز، والباقي ينقسم إلى ربعين، الأول لحوم دجاج أو سمك أو لحم ضأن، والربع الثاني خضروات طازجة .
ثالثا: يشترط ألا تملأ المعدة وألا يشرب الماء مع الإفطار.
رابعا: بعد الإفطار بنصف ساعة، يشرب الصائم سوائل لا تقل عن 1.5 لتر تنتهي قبل السحور بعشر دقائق.
خامسا: تناول وجبة بسيطة بين الإفطار والسحور.. فواكه وكرزات ومشتقات الحليب
سادسا: والسحور مثل الإفطار.
سابعا: يشترط خلو الاكل من الأملاح والدهون والحلويات المصنعة والسوائل المحلاة .
توصيات أخرى:
-في حالة وجود أمراض أخرى أو مضاعفات تحور مكونات الغذاء بناء على طبيعتها .
-تناول الأدوية بدقة والالتزام بين الإفطار والسحور
-قياس الضغط عدة مرات يومياً
-قياس الضغط عند حدوث عارض صحي أو حادث
- الإفطار في حال حصول عارض صحي أو عند صعود الضغط فوق 180/ 110 أو مضاعفات في القلب أو باقي الأعضاء، ويراجع الطبيب مباشرة .
-يفضل قطع المدررات والاعتماد على الأدوية الأخرى، ولا يوجد تأثير لادوية ارتفاع ضغط الدم على الصوم و يفضل استمرار تناولها و يستثنى من ذلك المدررات التي يجب أن تقطع .
طبيب إختصاص باطنية وقلبية