سردية السوداني في (الوقت والمسافة) (نشتغل ولا ننشغل)..
عباس الجبوري
١- المسافة والوقت..
بينهما علاقة (حب خالدة)..تتناسب طردياً وعكسياً في جولات الحياة ..
فهناك من
يحب ان (تختصر المسافة) مثل.. (التاجر ..والموظف…وصاحب معمل الثلج ..والطالب ..وسيارة الاجرة..
وسيارة الاسعاف ..وعمال البناء ..واصحاب الافران والمخابز..وزوار كربلاء ليلة الجمعة..ورجال الطلبات السريعة ..
وأصدقاءالبيئة …وعجلات الطاقة النظيفة..
وكلها تجتمع تحت لافتة كبيرة ..
( الوقت الوقت الوقت)..
٢-هناك من (يحب) أن تطول المسافة ليطول الوقت المصروف على قطعها أو المرور منها..
ومن هؤلاء ..(التنابلة ..بائعوا الكلينس..والعشاق ..
وبعض الشعراء..)..وأولهم الجواهري (المتمرد)يوم خاطب رفيقة سفره
(خلّي ركابكَ ِعالقاً بركابي..
قِصْرُ الطريقِ يزيد ُ في أتعابي …)..حيث يتناسب الوقت (عكسيا ) مع الاتعاب والمشاعر وحديث (التقرب)في محراب الجمال..وخيال المحبين ..
٣--في البلدان المتقدمة
للوقت أسعار خاصة تختلف بإختلاف المهنة (فالزمن يباع ويشترى)
وتكون اجور العمل على (عدد الساعات +نوع العمل)..
٤-عمر الانسان هو مجموعة مقاطع زمنية على شكل دوائر ..وكل دائرة تمثل (ساعة) من الزمن (العمر)..وبإختصار المسافة ..يعني توفير (فائض زمني) يمكن استثماره والاستفادة منه كما يرى (الساعاتيون)..وهي
أ-التمكن من عمل جديد
ب-زيادة جودة عمل ما
ج-سفرة مع الاهل أو الاصدقاء(مردود اجتماعي)..
د-جلسة مطالعة كتاب
هـ-وقت أطول مع العائلة
و-زيارة مريض
ز-مشاهدة تلفزيون او سينما
ح-ممارسة نشاط رياضي..
٥-الزمن الذي نقضيه في الزحام ..والاختناقات المرورية..هو
أ-يقتطع من أعمارنا
ب-يؤثر على مزاجنا
ج-يؤخر أعمالنا
د-يفوّت فرصاً كثيرة
هـ-يطيح بجدول أعمالنا اليومي
و-نقصان من عمر الراحة
ز-يزيد في التوتر والاتعاب
ح-يقلل من فرص الوصول الى النجاح
ط-يزيد من الطاقة السلبية..
٦-الجسور والمجسرات والشوارع..والتي أصبحت (ظاهرة سودانية)..يتسائل البعض عنها ..وعن توقيتها..والحكمة من انجازها..وجودة الانتاج..وأولويتها..وماذا يراد منها..
أسئلة (معلقة) تتأرجح على المسافة الواقعة بين (التشويش والنفع العام)..
وعندما تصبح ظاهرة فلابد من الاضاءة عليها وتشريحها وتقديمها للجمهور (وجبات استعادة الثقة) بالمنجز..والحكومة…والدولة..وصانع القرار..والمهندس…وعامل البناء..ولنستعيد حياتنا وتاريخنا ..ومقياس الرسم على الخارطة والارض..
٧-الانعكاس والمعطى (النفسي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي) للوقت ..يجعل الفرد يأمل أن تنتشر الشوارع والجسور والانفاق وسكك القطارات والمجسرات على مساحة الوطن كلها..
(فالوصول على الوقت) لم تعد قضية التزام شخصي جميل ..وانما يدخل في حركة الناس والنجوم ومواعيد السفر ومواقيت العبادات وتوفير انتاج صناعي أوفر..ونشر بضاعة (الجملة والمفرد) مواكبة مع رغبة الموسم وحركة السوق ..وتنمية المواهب والاستعدادات والرغبة في سباق الايام ..كما تمناها المتنبي العظيم..وحققها على مدار ساعة سيف الدولة الحمداني..
(أريدُ من زمني ذا أن يبلّغني..
ماليس يبلغه من نفسه الزمن ُ..)..
فالحضارة تتنافس الان بين سرعة الصوت وسرعة الضوء والذكاء الاصطناعي ..وكلها تقاس بالوقت ومفرداته الناعمة ..
٨-حين يتصدر هذا الشعار حركة الجماعة في حياتها..فلن تجد الوقت للرد على (المتأخرين والحاسدين والمعرقلين والنائمين للظهر)..
واستوجب الرد على كل تغريدة حسد (بناءمستشفى)..
وعلى كل نكتة باردة (مجسر )..
وعلى كل شحنة تلفزيونية حادة
( تبليط شارع عام)..
وعلى كل انكسار ..
(جسر يربط الكرخ بالرصافة)..
وعلى كل دعاية مغرضة( مهرجان ثقافي)..
وعلى كل التواء لساني ( ملعب وكأس وبطولة)..الى آخر ليلة..
٩-الموسم الانتخابي يبدو من مقدماته سيكون (موسماً ساخناً)..حيث تتقافز أحاديث الصفقات والاموال ..وحملات اللمز والغمز ..وعرقوبيات المرشحين ..وحجز الاوراق الثبوتية ..والقدور الراسيات المتخمة باللذيذ من الطعام ..والعطور والبخور والساعات (لضبط وقت المرشح)..كي لايخرج كثيراً على الترابي ..او يحلق قريباً من النجوم..وكلٌ يؤمن بأحقية فوزه بأنواع الوسائل ..في تداخل سياسي وعشائري وحزبي في صيف ساخن..
فماذا ستقدم (أنتَ)..
غير
سردية( الوقت والامل ..والامن والمسافات)..
لكن عليك أن تشرحها بلا تكرار رحمةً (بالوقت)..اللذيذ..
١٠-من سينتخب القاص والكاتب والشاعر والفنان..والامين والنزيه..
والرسام والممثل..والخطاط..والخطيب ..و(الجندي المجهول)في الاحزاب والوزارات والمهن التاريخية..
ربما سيكون الجواب مستعجلاً لدى الكثيرين..ولكن يبقى هناك من يتذوق وينحاز لقيم الجمال (اللفظي والمعنوي).. وربما ينتصر له … انها قصة جديدة لم نكتب الا سطراً واحداً فيها بعد الاهداء ..والذي تكرر ..ولكننا نبقى نحبه لانه (أقدام امهاتنا )..التي تشققت من الشوك والشوق ..وطول المسافة الى عيادة طبيب الاطفال..وهي تحمل أكبادها…