موظفو كردستان مرة أخرى
عدالت عبداللـه
في كل الأحوال، لن تجد عراقيًا واحدًا مهتمًا باستقرار البلاد وتعايش العباد يفرحه ما يحدث من أزمات وتوترات، خصوصًا عندما تقع بين قوى سياسية عراقية، فكيف إذا كانت بين الدولة والمجتمع!.
إن التوترات التي تسود الآن بين بغداد وإقليم كردستان، بسبب قطع رواتب موظفي الإقليم مجددًا من قبل وزارة المالية الاتحادية، تعيد إلى الواجهة انعدام الثقة بشروط استمرار النظام الاتحادي في البلاد، والمسؤوليات المترتبة عليه والواقعة على عاتق الطرفين.
صحيح أننا نعلم أن حكومة إقليم كردستان ليست ملتزمة تمامًا بإرسال الواردات النفطية وغير النفطية إلى بغداد، ونحن هنا في الإقليم ننتقد كبار المسؤولين على هذا التقصير، بل نغالي أحيانًا في إلقاء اللوم عليهم. ومع ذلك، فإن بغداد أيضًا تتحمل كامل المسؤولية عن أي قرار يؤدي إلى تأزيم الموقف بدلًا من اللجوء إلى الحوار الوطني، والإداري، والفني السليم لحل المعضلات. والأسوأ من ذلك هو التمسك بعقوبة جماعية تطال جميع موظفي الإقليم بعقلية الضغط على أربيل لإرغامها على الالتزام.
المشكلة هنا تكمن دائمًا في غياب الخشية من إيذاء المواطن ومعاقبته تحت ذرائع سياسية أو إدارية، وليس بمنطق إدارة الدولة. يمكن لبغداد أن تعاقب المسؤولين في الإقليم بأي وسيلة ممكنة وقانونية نتيجة أي خرق إداري، أما معاقبة المواطن فليس من حقها، ولا تشاطرها في ذلك لا قرارات المحكمة الاتحادية ولا نصوص الدستور العراقي.
ولا حاجة هنا لأن نكرر أننا نصرخ منذ أكثر من عامين ونقول: لا تعاقبوا من لا ذنب لهم فيما يحدث. فقد انفجر الشارع الكردي أكثر من مرة في وجه حكومة الإقليم، ونُظّمت تظاهرات عديدة لإيصال رسالة واضحة: لا للمزيد من التوتر مع بغداد، ولا لتسييس حق الموظف المواطن.
وعليه، فإن على الحكومة في بغداد ألا تقع في الفخ ذاته، لا سيما ونحن على أبواب عيد الأضحى المبارك، والناس هنا يتطلعون إلى تلبية احتياجاتهم الأساسية.