جائزة نوبل للأدب.. بين وهم التقديس وحقيقة التسييس
عبدالكريم الحلو
* في كل خريف، وعند إعلان الفائز بجائزة نوبل للأدب، تُفتح أبواب الجدل الثقافي على مصاريعها.
* يتهافت المهووسون والمُتوهمون، وتتضخم أوهام بعض الشعراء والشاعرات ممن نصّبوا أنفسهم منقذين للكوكب، مرشحين خياليًا لنيل الجائزة، متناسين أن نوبل، منذ عقود، لم تعد تُمنح على أساس القيمة الأدبية الخالصة، بل باتت مشوبة بحسابات السياسة والهويّات والجغرافيا الثقافية.
بين التقدير والتضليل:
* جائزة نوبل ليست صكًّا بالإبداع المطلق، ولا علامة ختمٍ على الأدب العظيم.
* كم من مبدعين عظام ماتوا دون أن تلتفت إليهم الأكاديمية السويدية! وكم من نصوصٍ هزيلة حازت الجائزة لأنها انسجمت مع “المزاج السياسي” للغرب أو لخدمة خطابٍ معين يُراد له أن يسود في مرحلة تاريخية ما.
* يرى الأكاديمي الأميركي بروتون فيلدمان في كتابه النقدي “جائزة نوبل.. تاريخ العبقرية والجدال والحظوة” أن الجائزة في حقيقتها “نوبل للسلام متنكرة في قناع أدبي”، ما يعني أن معايير المنح تتجاوز القيمة الفنية، لتتلبّس أثوابًا أيديولوجية لا تخفى على القارئ المتابع.
الموهومون وجنون النياشين:
* في مواقع التواصل، خاصة فيسبوك، رأينا كيف طفق البعض يروّج لنفسه
* كـ”مرشح نوبلي”، تحيطه حاشية من المصفقين والمصفقات.
* حملات مريبة، عاطفية، تنفخ في بالونات الذات حتى انفجرت، ثم ما لبثت أن هدأت وسكنت حين خرجت الأصوات الحقيقية، من المثقفين الجادين والأدباء الذين لم يتورطوا في صناعة الوهم، ولا راقهم تلميع الصدأ.
* إنها ظاهرة تستحق التوقّف عندها، لأنها تكشف كيف يمكن أن يُستغل اسم نوبل لتبرير الرداءة، وكيف أن التصفيق المزيف، إن لم يُوقفه صوت النقد الحقيقي، كاد أن يصنع لنا أصنامًا من وهم.
الجائزة… لا تصنع العبقرية:
* لعل من المفيد أن نتذكر أن نوبل لم تُمنح لتولستوي ولا لبروست، ولا لبورخيس ولا لكافكا.
* لكنها مُنحت لكُتّاب أقل قيمة أدبية بكثير، فقط لأنهم توافقوا مع “النظرة الغربية” لما يجب أن يكون عليه الأدب.
* إذًا، ليست نوبل من يصنع العبقرية،
* بل العبقرية هي التي تكشف زيف بعض الجوائز.
ختامًا:
* الشاعر الحقيقي لا يُقيم خيمته في ساحة الجوائز،
* بل في صحراء النص، حيث العطش إلى المعنى، والموت من أجل الجمال، والنجاة بالحرف.
* ونوبل، مهما حاول البعض تضخيمها، ليست معيارًا للحقيقة،
* بل مرآة لسياسة أدبية عالمية تحتاج إلى تفكيك ونقد دائمَين.
* كلمة للحالمين بوهم الجائزة:
* ~~~~~~~~~~~~~~~~~
* أيها الحالمون بنوبل كأنها الخلاص، توقفوا لحظة… واسألوا أنفسكم:هل تُكتب العظمة لأجل التصفيق؟
* وهل تُقاس القيمة بوسامٍ تمنحه لجانٌ لم تقرأ وجعكم، ولم تكتب بلغاتكم؟
* نوبل ليست مقياسًا للخلود، ولا مرآةً للحقّ دائماً.كم من عظيمٍ لم يمرّ قربها، وكم من باهتٍ حملها ولم يضئ سطرًا في التاريخ.
* اكتبوا لا لتنالوا الجائزة، بل لتكونوا أنتم الجائزة.
* اجعلوا القارئ العربي يرى ذاته فيكم،
* اجعلوا الكلمات وطنًا، والمعنى سلاحًا، والصدق تاجًا.
* فمن كتب ليُكرَّم، فليبحث عن الحفلات،
* ومن كتب ليُغيّر، فليواصل الطريق… ولو وحده، ولو في العتمة