أبحثُ عن قمرِها الوحيدِ بقلبي
عبد الجبار الجبوري
كنتُ....
أُخبيءُ في حقيبة السّفر..
شالَها الأحمر...
وهو....
مَنْ أضاءَ الكونَ كلّهُ في راحتي...
حين كانتْ....
تلوّحُ لي به في السنينِ العجافْ..
وكنتُ أخافْ...
أنْ أبوحَ عن حبّها للبحر والقمرْ...
لكنَّ نجمةً في السّما....
أيقظتْ قصيدتي..
ورحتُ...
أبحثُ عن وجهها في مواقيتِ الصلاة..
علَّني...
أزرعُ قُبلةً....
على شفاهٍ أيبسَها العطَش...
وأُسقيْ...
بساتين أنوثتها بماءِ المطر...
كانت..
تجيئني...
محملةً بأقانيم الأسى..
ترشّ على وجهي ضحكة ملائكية..
وتغيبُ في الخجل...
وكنتُ أرقبُ طلتها..
كطفلٍ...
وأجلس أمامها كصنم..
تهربُ منّي الكلماتُ والجملْ..
فأطأطيء لها رأسي...
كلّمَا....
أمطرتّني بوابلٍ من القُبَل...
حينها...
ألوذ بصمتي وأحني لها رأسي..
وهي تربُتُ على كتِفي..
ما أجملَ المطر..
أغارُ منّها عليها..
وتغارُ منّي عليّ....
يالهذا المطرُ المشاكس...
لايكفُّ...
عن الهطول...
إنه يعاند الغيم الذي في اقصى السماء..
وأنا....
أعاندُ شفتيها العطشتين..
أسقيهما من فَمي...
ماءَ القُبَل..
يا آلهي...
كمْ أعشقُ...
تلك الشفاهِ التي أتعبني البحث عنها..
والتي....
توارتْ خلف أغنية لفيروز..
لم تزلْ..
ترنُّ في ذاكرتي موسيقا الشجر..
كانَ الصباحُ كلَّ يوم...
يُطلُّ من بين نهديّها....
يوقظ العصافير التي تزقزق على أغصان عينيها..
وكانت قهوتنا...
فنجانٌ من القُبَل..
واغنية لفيروز أعشقها منذ طفولتي...
((برده برداني برده، سابع وردات وورده،ومن هواك ياشوگي صابتني حمّى وبردة)...
يااااااه..
كمْ يوجعُني ألبوحُ عن أسرار البحر..
تؤرقني أمواجه...
أخافُ أنْ...
تخذلُني شموسه...
وأبقى.
وحيداً في ليلةٍ يغيبُ عنها القمر...
منتظراً...
أنّْ تجيءَ على صهوة النشيدْ..
ترتّبُ أيامي..
وتكتبُ لي قصيدتي الآخيرة...
تمسح آثار حزنها...
وتكحّل عيني بصحكتها الأسيرة..
تعيد لي..
بعضاً من فرح الطفولة..
ومجدَ...
أغنيتي الأثيرة..
(( يگولولي سيبوا تلاگي مثيلو جم،، وگلبي يگلّي لا تسيبو تراك تندم...))
بلى...
ساتّبعُ قلبي...
قلبي الذي مازال يحبو بين يديّها....
ويجثو على ركبتيه..
ليصلّي...
ركعتا عشقٍ لقامتها...
وأخرى...
لجمال عينينها الواسعتين...
وعشراً...
لشفاهها الظمأى...
لقد ضللّتُ الطريقَ إليها..
وكان موعدُنا القمر...
لكن نجمة الضحى..
خذلتني...
((واعدوني الگمر، وادري الگمر ناسي، ومثل خلّي غدر، ياگلبها الگاسي،كيف حبيبي هجر وأهمل مراسيلي.....)
أعرفُ...
أن رسائلي لم تصِلْ...
كانَ الطريقُ إليها وعراً...
وكنتُ وجلاً...
أخشى الضواري في الظلام البعيد...
وكانت أمنيتي...
أن أجوب الصحاري كلها..
ومضارب القبيلة...
وبيت ليلى..
باحثاً عن ظلّها الذي ظلّ يرافقني...
وما دنا الغيمُ...
كان إسمها تميمةَ دربي،،
ودليلَ قلبي...
وضوءَ راحلتي في الليالي الغابرات.....
لكنَّ...
خيلي تعبتْ....
وماتَ في أضلعي قمرٌ لايُضيءْ...
إنهُ قمرُها الوحيدْ...
الموصل...
كازينو وكافيه آسطنبول..