بين الأمس واليوم أخلاقنا إلى اين ؟
صبحي الجبوري
بسم آلله الرحمن الرحيم
وإنك لعلى خلق عظيم
الأخلاق هي المبادئ والقيم التي تقوم بتوجيه سلوك الأفراد وتحدد طبيعة تعاملهم مع بعضهم البعض، إنها ليست مَجرد كلمات ننطق بها أو كلمات نتحدث بها ونكتب عنها، إنها سلوكيات وأفعال تعكس جوهر الإنسان وقيمته، وهي الميزان الحقيقي الذي يقاس به رقي الأمم وتقدمها، فهي ليست مجرد مجموعة من القواعد والتعليمات، بل هي بوصلة الحياة التي تهدينا إلى طريق الخير والصلاح. ولذلك فقد أولى ديننا الحنيف
هذا الجانب (الأخلاق) عناية عظيمة وإهتماما خاصا من خلال الحث على مكارم الأخلاق وبيان الأمر المترتب على الإتصاف بها، وفي المقابل العقاب على سوء الأخلاق، وعليه فالأخلاق إذن ليست سلوكيات مجردة فرضتها الأعراف والتقاليد أو فرضها الواقع، بل هي دين وعبادة لله وإطاعة لأوامره يترتب عليها الأجر والثواب والجزاء والعقاب، بل هي علاقة تعبر عن كمال الإيمان عند الفرد المسلم، عن أبي هريرة (رض) قال قال رسول آلله (ص) (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) ولهذا جعل الإسلام تربية الناس وتزكيتهم على الأخلاق الحسنة والقيم العظيمه هدفا رئيسيا من أهداف الرسالات السماويه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فباالأخلاق والإلتزام بها سلوكا في واقع الحياة يدرك المؤمن الدرجات العلا في مراتب الفضيلة والعباد، خاصة إذا علمنا إن للأخلاق أهمية كبيرة تتمثل في أنها تبين الصلة بين العبد وربه، هي ألأساس في بناء وتقدم الأمم والشعوب، تزيد المحبة والألفة وتجلب الأرزاق، طريق السعادة الحقيقيه،قال الإمام علي كرم الله وجهه (من سعة الأخلاق كنوز الأرزاق).
لكن وللأسف الشديد ما نراه في عصرنا هذا يعكس قلقا وحيرة وتسائلا كبيرا بشأن ماحل بأخلاق مجتمعنا من تدهور وإنحراف عن القيم والمبادئ الأخلاقية الإسلامية الحقة التي جاء بها ديننا الحنيف، فلماذا وصلنا إلى هذه المرحلة من التدني الخلقي، وما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الإنحراف، وهي تساؤلات يجب الوقوف عندها ومعرفتها وإيجاد الحلول الناجعة لها.
اما أسباب تدهور الأخلاق في المجتمع فهي كثيرة منها:-
1-البعد عن آلله سبحانه وتعالى.
2-ضعف الإيمان والآلتزام بالتعاليم الدينية والأخلاقية التي توجه سلوك الأفراد.
3-تأثير بعض وسائل الأعلام على المجتمع لما تلعبه من دور في تشكيل السلوكيات التي قد تكون بعض هذه السلوكيات و الممارسات غير أخلاقية
4-الظروف الإقتصادية والضغوط الإجتماعية التي تؤدي لتدهور الأخلاق حيث يبحث الكل عن مصالحه الشخصية وبأي ثمن.
5-تأثير العولمة التي أدت إلى إنتشار مفاهيم وأفكار وقيم غريبة تتعارض مع القيم والأخلاق الأسلامية.
6-مصاحبة أصدقاء السوء.
7-إتباع الهوى والجري خلف الملذات والمنكرات، وهذا ما بانت آثاره واضحة في ظهور سلبيات وأمراض كثيرة في مجتمعنا منها، الكذب، الخيانة، العنف، الغش، التعدي على حقوق الآخرين، الفساد، النميمة، الحسد و......
قيم دينية
العلاج الناجع لهذا التدهور :-
1- الرجوع إلى آلله والتمسك به والتوكل عليه والعمل بما جاء به ديننا الحنيف والإلتزام بسنة حبيبه المصطفى(ص).
2-التأكيد على القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع من خلال التوعية والتوجيه والتعليم.
3-تفعيل دور الأعلام وتبنى الخطاب الايجابي لتعزيز القيم الدينية والأخلاقيه في المجتمع.
4-تفعيل دور الأسرة في مراقبة، متابعة، توجيه، تربية الأفراد نحو السلوك الأخلاقي المطلوب.
5-تحسين الظروف الأقتصادية والإجتماعية لتخفيف الضغوط التي تؤدي إلى الإنحراف وتدهور الأخلاق.
6-البحث عن القدوة الحسنة في المجتمع والإقتداء بها.
7-الإبتعاد عن أصدقاء السوء، وعن ملذات الدنيا ومنكراتها.
وأخيرا وليس آخرا نقول إن اخلاق المسلمين كانت مضربا للأمثال وكانت موضع إفتخار وتميز عند العالم اجمع يوم كانت قلوبنا عامرة بالإيمان والتقوى ومخافة الله سبحانه وتعالى، فعلينا جميعا العودة إلى الله وإلى ديننا الحنيف وأخلاق نبينا المصطفى(ص)، فهي دين وعبادة وبها النجاة يوم القيامة، ولنتذكر ان كثرة العبادات والطاعات لاتنفع من دون أخلاق حسنة وسلوكيات طيبه وحب وتراحم يملأ القلوب، فأين نحن من مراقبة الله، وأين نحن من تطبيق تعاليم الدين الحنيف في واقع الحياة.
أللهم إهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي أحسنها إلا أنت، وإصرف عنا سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت.