خريف شارل بودلير
سوران محمد
قريباً سنغمز أنفسنا في ظلال باردة،
وستزول كل ظهيرة صيفية خلابة.
أسمع مسبقا دويّ جذوع الأشجار الميتة في الأسفل
تتساقط على حصاة الرصف والعشب.
--
سيرجع إليّ الشتاء كله:
سخرية، كراهية، ارتجاف، رعب، مشقة وسيئة،
ومنفيّ، كالشمس، إلى سجن قطبي،
ستتحجر روحي فى كتلة من الجليد الأحمر.
--
أرتجف وأنا أستمع إلى جذوع شجرة تتحطم وتصطدم:
الأصداء خافتة كطبول الجلادين.
عقلي كحصن يستسلم ببطء
لعواصف تصدم وتضرب بلاهوادة.
--
يبدو لي، وأنا أتأرجح أمام هذه الصدمات، أن أحدهم
يثبت مسامير نعش على عجل في مكان ما.
لمن؟ -- كان الصيف بالأمس؛ والآن هو الخريف
لا تزال أصداء الرحيل تتردد في الهواء.
***
نبذة عن حياة الشاعر و نتاجاته :
شارل بودلير شاعر وناقد فرنسي. 1821-1867 بدأ كتابة قصائده النثرية عام 1857 عقب نشر ديوانه أزهار الشر،الذي أثار جدلاً واسعاً عند نشره بسبب جرأة موضوعاته وتناوله للجانب المظلم من الحياة الحديثة، مدفوعا بالرغبة في شكل شعري يمكنه استيعاب العديد من تناقضات الحياة اليومية في المدن الكبري حتي يقتنص في شباكه الوجه النسبي الهارب للجمال، وجد بودلير ضالته فيما كتبه الوزيوس بيرتيران من پالادات نثرية مستوحاة من ترجمات البالادات الاسكتلندية والألمانية الي الفرنسية. والبالاد هو النص الذي يشبه الموال القصصي في العربية وهو الشكل الذي استوحاه وردزورث وكوليريدج في ثورتهما علي جمود الكلاسيكية.
وفي عام 1861 بدأ بودلير في محاولة لتدقيق اقتراحه الجمالي وتنفيذه، فكتب هذه القصائد التي تمثل المدينة أهم ملامحها، وتعتبر معينا لا ينضب من النماذج والأحلام.
يعتبر بودلير من أبرز شعراء القرن التاسع عشر ومن رموز الحداثة في العالم. ولقد كان شعر بودلير متقدما على شعر زمنه، فلم يفهم جيدا ولم يعطى حقه الا بعد وفاته سنة 1876عن عمر ناهز 46 عاما.
وكان الشاعر شارل بودلير يري ان الحياة الباريسية غنية بالموضوعات الشعرية الرائعة، وهي القصائد التي أضيفت إلي أزهار الشر في طبعته الثانية عام 1861 تحت عنوان لوحات باريسية.
لم ينشر ديوان سأم باريس في حياة بودلير، وهو الديوان الذي لم يتحمس له غوستاف لانسون وسانت ـ بيف، هذا الديوان الذي اثر تأثيرا عارما في الأجيال اللاحقة.