مسرح الحياة
ثامر محمود مراد
الحياة مسرح واسع، تتقاطع فيه الخيوط بين المجد والخذلان، بين الأمل والخوف، كأنها لعبة توازن لا تُعطينا فرصة لالتقاط الأنفاس. في كل خطوة يعلو منسوب الخطر، وتزداد الأرض اهتزازاً تحت أقدامنا، فنمدّ أيدينا إلى سراب نعتقد أنه الأمان، فإذا به وهم يذوب في الفراغ. لسنا أكثر من عابرين في ممر ضيق، بين مطرقة الظروف وسندان القدر، نحاول أن نختبئ خلف رفاه زائل أو ثروة مؤقتة، لكن لا شيء يملك أن يؤجل النهاية سوى قليل من الوهم. كل ما نعتبره ثابتاً ما هو إلا صفحة مطوية في كتاب الزمن، تنتظر لحظة الانكشاف. فحتى حين نغترّ بترفٍ يلمع في أيدينا، أو نشيدٍ يعلو باسمنا، يبقى ذلك كله مؤجلاً؛ مؤجلاً كما تُؤجَّل قطرة المطر قبل أن تهوي، أو كما يُؤجَّل غروب الشمس قبل أن يبتلع النهار. في النهاية، لا خلود يهبنا البقاء، بل رحلة قصيرة محكومة بالهشاشة، نتقن فيها فنّ الموازنة بين السقوط والقيام، إلى أن يأتي السقوط الأخير الذي لا قيام بعده.