الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 القضاء والفساد   

بواسطة azzaman

 القضاء والفساد   

حاكم محسن محمد الربيعي

 

الفساد موجود في كل الانظمة السياسية  والاقتصادية في كل دول العالم , ولكنه بفوارق نسبية  ,و يبقى للحكومات دورها الاساسي في محاربة كل مظاهر الفساد ,لان للفساد أثار   سلبية على مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية , ولاسيما في تعطيل المشاريع الاستثمارية والخدمية ونهب المال العام ,  وربما يؤدي الى  الافلاس  في حالة غياب الرشد والعقلانية في الانفاق العام , بحيث تظهر الحكومات في  حالات لا تستطيع تدبير رواتب واجور  العاملين فيها ,مما يجعلها تلجأ الى الاقتراض , وهي حالة غير مقبولة وغير مرضية , ولها اثارها السيئة على اقتصاد الدولة ,  ولكن عندما يكون في الدولة قضاء نزية  وفاعل يستطيع ان يفعل الكثير , فالقضاء مستقل وله دوره في اشاعة العدالة الاجتماعية في حالة استقلاليته وأبعاده عن التحزب والسياسية , ومن المعروف ان القضاء والجيش والجامعات في العراق مستقلة بموجب قانون المحافظات رقم 69 لسنة 1969 المعدل , ولكن هل بقي فعلا مستقلا ,  وهنا نشير الى ما فعله القضاء الايطالي , وتحديدا القاضي الايطالي  السيد  أنطونيو دي بيترو” انه القاضي الذي أعلن الحرب على الفساد في العام 1992 حين اكتشف خلال التحقيقات تورط بعض السياسيين في قضايا رشوة ، ثم توسّع في التحقيق ليجد نفسه حيال شبكة ضخمة متورط فيها شخصيات من كل المستويات ، وزراء ومدراء شرطة، مدنيون وعسكريون، ديبلوماسيون، رجال أعمال وزوجاتهم وأولادهم وأصهرتهم وأزلامهم فماذا فعل هذا البطل HJo`دي بيترو أتحذ قرارا شجاعا بتوقيف كل المتورطين مهما كانت مناصبهم، وشملت الاعتقالات 5000 شخص بينهم أكثر من 1000 من رجال الدولة والسياسة, وزراء في الحكومة ثم رئيس الوزراء, بتينو  كراسكي الذي  هرب بعدها الى تونس ليقضى بقية حياته  , و تأكد القاضي “دي بيترو انه كان يحارب دولة بأكملها، وقد أضاف لقائمة أعدائه عصابات المافيا مطلقاً على العملية تسمية “الأيادي النظيفة”. هبّ الايطاليون كالمجانين لحجم الفساد وخرجوا في مظاهرات تدعمه وتعتبره بطلا مخلّصاً وأصبح اسمه أغنية الإيطاليين في ملاعب الكرة مع شعار “دي بيترو جعلتنا نحلم  و تحوّل هذا القاضي الى أسطورة حية ,ألهبت جرأته المحللين والكتّاب , وعما اذا كان ما قام به كان جنونا او معجزة قال هذا القاضي يوما أنه اتّخذ القرار, وهو يعلم أنه قد يدفع حياته ثمناً لذلك، وأنه اجتمع بمجموعة شباب من نخبة الشرطة وأفهمهم أن مصير   إيطاليا صار في أيديهم ولا مجال للخوف بعد، فبدأوا بعمليات اختراق واسعة

لشبكات الفساد التي دمّرت الدولة من الداخل ، ويجيب “دي بيترو” مازحا : “يشبه الفساد بزواج المصلحة إذا  أفسدنا المصلحة يبطل الزواج ويصبح الأحبة أعداءً يدمّر بعضهم بعضا. دخل هذا القاضي تاريخ إيطاليا ملغياً منظومة عمرها أربعين عاما وتسبب أيضا في إفناء أحزاب تاريخية، وكانت نهاية الجمهورية الإيطالية الأولى على يديه لتعلن الجمهورية الثانية , فهل في عراق اليوم قاض نظير القاضي الايطالي السيد  دي بيترو . كلنا أمل في ظهور دي بيترو عراقي.

 

 

 

 

 


مشاهدات 20
الكاتب حاكم محسن محمد الربيعي
أضيف 2025/09/05 - 11:28 PM
آخر تحديث 2025/09/06 - 1:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 75 الشهر 3787 الكلي 11421660
الوقت الآن
السبت 2025/9/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير