الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ساسون وشعر الدارمي  


ساسون وشعر الدارمي  

كاظـم بهَــيّــة 

 

من منا لم يسمع  بساسون خلاصجي ، وكتاباته الشعرية واشهرها ب (الدارمي ) التي تثير كل من يسمعها ، وبقيت تلك الكتابات الى يومنا هذا حاضرة في الاذهان لاتنطفىء برغم تقادم السنين ، مازالت يتداولها الناس من العشاق والمحبين وبعضها  صدحت بها حناجر مطربي الريف آنذاك امثال: حمزية ياسين وحضيري ابو عزيز وناصر حكيم وخاصة مطرب الريف داخل حسن وذلك من خلال علاقته الحميمية معه ، الذي كان يتردد بزيارته من الناصرية على محل ساسون، حيث كان  تاجرا كبيرا لقطع الغيار (السبير بارتس) للمكائن الزراعية والسيارات. كان محله ملتقى للشيوخ واصحاب الاعمال الذين كانوا يوفدون اليه بطلب شراء قطع الغيار ، كانت اغلب الاغاني والحانها قد شهدت ولادتها في  محله وبيته ، ومن اهم هذه الاغاني (يمه هنا يمه ) والتي يقول ساسون  في احد مقاطعها :

اظلم سبع كامات بير الطحت بيه

حلفه وصريم وشوج ومجلجل عليه

 وغيرها من الاغاني والتي كانت من تأليفه والذي عرفها ابناء الديوانية، منذ الثلاثينات حتى في فترة الخمسينات  ، ومنها ماشاع وذاع وتألق وحفظته ذاكرة الناس ، في المدن الاخرى . وساسون  شخصية ادبية و اجتماعية وتقدمية معروفة من الطائفة اليهودية التي تسكن مدينة الديوانية،  تربطه علاقة وثيقة بشيوخ عشائر مدينة الديوانية ونوابها في العهد الملكي ،والذين حالوا دون تسفيره بعد حرب عام 1948 ،وسبب ذلك  لكونه كان انسانا طيبا ،يساعد المحتاجين وكان طيبا متواضعا، فاضل الاخلاق حسن المعشر يحبه ويحترمه كل الناس ،وكان رجلا محبا للخير يحب مساعدة الاخرين وكان حديثه جذابا يحبه من يستمع اليه “.هذا ما وصفه لي الصديق الشاعر الراحل علي الشباني ،  فضلا لاخلاصه في عمله اليومي في المجتمع ، وكان شاعرا يشار له بالبنان ،وذلك تميز بقوة مفردات شعره وخاصة  شعر ( الدارمي ) ، التي تميز بنصوصه ذات المضامين الانسانية الخالصة ، ويذكر سلمان خلاصجي (1946-2007) ابن شقيقه  الياهو في محاضرة القاها في مؤتمر “طوائف يهود العراق” الذي عقد في اكتوبر 1994، عنه قائلا : ”  كان عمي المرحوم ساسون خلاصجي شاعراً شعبياً المعياً وتميز بيته باستضافة كبار الشعراء ومطربي الشعر الشعبي الخاص بمنطقة الفرات الاوسط. فكانوا ينظمون فيه ويتبادلون احلى القصائد والاغاني. ومن الجدير بالذكر ان قسم كبير من اغاني “الابوذية” وبالاخص النوع المعروف باسم “الحسجة” نظمت الحانه وغني لأول مرة في هذا البيت، ومنه الى باقي المغنين ولأذاعة بغداد وهكذا اشتهرت هذه الاغاني بافواه الشعب العراقي، الذي احب جدا هذا النوع من الشعر والغناء”  ومن باب الوفاء له ولماقدحه في عالم فن الدارمي نستذكربعض ما كتبته قريحته من أبيات جميلة تتداولها كل الناس :

فاله ام خمس شاخات خشنه وجديده

ركه بدليلي وكال اطني الحديده

□ □ □

اجلد بممشاك حيل اردس الكاع

لاتنكسر جدام شماتك بساع

□ □ □

جاوينه ذاك الكال الخوه للضيج

مرت عليه ايام تنشف الريج

□ □ □

موش عله حط مطواي عزلي العب بيه

يصبح مخلبص ليش البليل اصفيه

 وفي عام 1968 بعد ان ستلم  البعثيون الحكم ، فأجبروه  قسوة وظلما و مصادرة داره واملاكه و النزوح الى بغداد تاركا مسقط رأسه ، دون سبب وحجروه مع من تبقى من الجالية اليهودية في (حي العدل) ببغداد ، فكانت تلك الحادثة المروعة اثارت حماسة وآلمته ،حيث تفتقت قريحته عن تجرع كوؤس الاغتراب المسمومة ،وان يكون بعيدا عن المدينة التي ترعرع وعاش فيها وشارك افراح واحزان ناسها ، كان جرحا في داخل روح ساسون الانسان والشاعر، حيث صورها بقوله :

كابلني اعله الروح نسحله يل مار

ماترضه تمشي اوياي امجلبه بالدار

 


مشاهدات 36
الكاتب كاظـم بهَــيّــة 
أضيف 2025/09/05 - 11:15 PM
آخر تحديث 2025/09/06 - 2:05 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 73 الشهر 3785 الكلي 11421658
الوقت الآن
السبت 2025/9/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير