محاربة الفساد مهمة الحكومة أم الدولة ؟
عبدالرحمن البيدر
لا يختلف اثنان على ان الفساد في العراق قد استفحل إلى درجة بحيث اصبح اكبر من امكانات الحكومة حيث تغلغل في كل مفاصل الدولة ثم انتشر في المجتمع بحيث لم يعد المجتمع كما كان سابقا يمقت المرتشي والسارق .. ومن علامات تراجع قيم المجتمع تجاه الفاسدين ان الفاسد اصبح يقيم الولائم ويبني القصور غير آبه بما يقال عنه في المجتمع وفي الوقت نفسه اصبح المجتمع يتكيف مع هذه الظواهر وبالتالي قد فقد البلد ركنا مهما من أركان محاربة الفساد حيث كان الفاسد والسارق يخشى من نظرة المجتمع تجاهه اكثر من خشيته من القانون .. ان محاربة الفساد لا يمكن ان تنجح بدون تكاتف مفاصل الدولة تجاه هذه الافة ولا شك ان العناصر الرئيسة في هذه الحرب هي مؤسسة القضاء وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة وهيئة الإعلام والمجتمع بأركانه الرئيسية ، وبدون التكاتف والتكامل بين هذه المفاصل لن تنتصر الدولة على الفساد الذي اصبح افة العصر التي هدمت الكثير من الدول .. وفي الوقت الذي يقوم فيه القضاء بأداء دوره تجاه ملفات الفساد التي تعرض أمامه وتقوم هيئة النزاهة بملاحقة الملفات التي يتم الإخبار عنها ، هناك سؤال يطرح نفسه :
هل ان ديوان الرقابة المالية يقوم بدوره كما هو مطلوب ؟
ان ديوان الرقابة المالية يمتلك سلطة مطلقة في مراقبة صرف الأموال في مؤسسات الدولة ولا يحتاج إلى شكوى كما في القضاء ولا إلى اخبار كما في هيئة النزاهة وبالتالي لديه سلطة مراقبة وتدقيق قوائم الصرف في جميع دوائر الدولة ، ان اداء ديوان الرقابة المالية لدوره بشكل كامل وكما هو مخطط له في الواجبات المناطة به يمنع حصول صفقات فساد كبيرة في الوزارات وفي دوائر الدولة .. ربما ان الفساد تفشى بحيث اصبح اكبر من إمكانيات ديوان الرقابة المالية ولكن هذا لا يعفي هذه المؤسسة من تطويع عملها باتجاه متابعة وكشف الهدر الكبير في أموال الدولة خاصة وان الجميع سمعوا بحوادث هدر كبيرة في المال العام وملفات فساد مرعبة . وبرغم كل ما سمعناه عن جرائم هدر المال العام وملفات الفساد الكبيرة لم نسمع عن إنجازات كبيرة لديوان الرقابة المالية في كشف او إيقاف عمليات الهدر الكبيرة في المال العام او منع وقوع جرائم فساد كبيرة . كما ان موضوع الفساد والهدر بالمال العام قد أضعف الدولة بشكل كبير واذا لم يكن هناك تفعيل وتكامل بين المؤسسات المعنية بمتابعة ومحاربة الفساد وهدر المال العام فان مستقبل الدولة في خطر .