في الذكرى التاسعة والعشرين لرحيل العلاّمة د. السيد مصطفى جمال الدين
حسين الصدر
-1-
في 1996/10/23 لبّى نداء ربه في الشام شاعر العرب الكبير العلّامة الدكتور السيد مصطفى جمال الدين غريباً عن الوطن الحبيب، بعد أن عانى من مرض عضال لم يمهله طويلا.
وخلّف رحيله لوعة في قلوب محبيه وعارفي فضله وعشّاق شعره ونهجه الوطني.
-2-
إن الاحتفاء بذكريات العمالقة الأفذاذ من رجالنا أمر تمليه مقتضيات الوفاء والعرفان ولا خير في من لا يُعنى إلا بذاته ومصالحه فذاك هو الأناني المنبوذ.
-3-
العلم والأدب والخلق الرفيع والوطنية الصادقة سماتٌ أربع تحلى وتجلّى بها جمال الدين فملك القلوب واقتحمها بلا استئذان.
-4-
لقد اضطر لمغادرة الوطن فراراً من ضغوط العفالقة الأوغاد الذين كانوا يريدونه أن يكون على رأس الشعراء المادحين للطاغوت، ولكنه أبى، ولم يمكنهم من ذلك.
-5-
واشترطت عليه جامعة الجزائر أن يخلع عمامته ليكون ضمن كادرها التدريسي فرفض ذلك.
-6-
وقد أقام المرحوم الدكتور العلّامة السيد محمد بحر العلوم مهرجاناً كبيراً لتكريم جمال الدين بمناسبة إصداره ديوانه المسمى (الديوان)
وطلب مني المشاركة بقصيدة، وكانت أول قصيدة أنشدها متغنياً بجمال الدين ومواهبه:
نَظما فيروينا النميرُ المُصطفى
والنبعُ أعذبُ ما يكونُ إذا صفا
يجري الفرات بِكُلِّ بيتٍ قلتَه
وَبِهِ يحيط العاشقون ترشفا
إلى أن قلت:
ديواننا (الديوان) في آفاقِهِ
تاريخنا الوضّاء أشرق أحرفا
وعظمتَ في التاريخ شاعر أمة:
غطّى سناه الداجيات وما انطفى
-7-
وقد وقفتُ على كلمة قيمة للمفكر الكبير آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بلبنان في حق المرحوم الراحل الدكتور السيد مصطفى جمال الدين فرأيت من المناسب أن أنقلها لكم، قال الإمام شمس الدين:
«العالم المجاهد والمضحي وشاعر العرب في هذا العصر، العالم الذي كانت فضيلة العلم احدى فضائله الكبرى، من اسرة عريقة في تاريخ نهج أهل البيت عليهم السلام، لم يأكل بعلمه، وهي أحدى الشروط الكبرى للعالم النقي، ولم يبتذل علمه، وهي من الثوابت الكبرى في تقاليد علماء الاسلام، ولم يأكل بجهاده ولم يباه ولم يتاجر به، فهاجر من دون ضجيج، لم يبحث عن ألقاب ولم يبحث عن مواقع.
وحينما وضع امام نفسه الخيارات اختار العراق، هاجر من سوق الشيوخ الى سوق الشيوخ، ومن النجف الى النجف ومن العراق الى العراق، كان واحدا من الابرار الذين أصروا أن يكونوا أبطالا ورفضوا ان يكونوا ضحايا، كان يمشي في مسيرته منفتحا على الكل ومعتصما من الكل، وكان نقي العروبة من غير متاجرة ومن دون غلو او عنصرية او عصبية، بل كان في العروبة كما ارادها الله، وفي الوقت نفسه كان مسلما مخلصا، قد رأى في الاسلام مشروع هذا العصر ومشروع هذه الأمة.
وكان السيد مصطفى جمال الدين شاعر العرب الاكبر في هذا العصر، ولكن الشعر لم يكن اعظم ولا أزكى فضائل السيد مصطفى، فلم يكن شعره شعر مداراة ولا شعر مضاهاة ولا شعر ارتزاق او تكسب، كان شعرا غنى بالإسلام وابطاله محمد وآله، وغنى بشعره آلام وآمال هذه الأمة».
Husseinalsadr2011@yahoo.com