الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حيادية (خبر كان) الإعلامية

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

حيادية (خبر كان) الإعلامية

محمد صاحب سلطان

 

يبدو إن مرحلة التنافس الإنتخابي للدورة السادسة لمجلس النواب العراقي، قد أخذت منحى لا رجعة عنه، في إستعراض عضلات المرشحين وقوائمهم، من خلال الظهور غير المدروس لبعضهم، ممن يطلق عليهم، لسان حال كياناتهم، في الفضائيات التي بدورها قد توضحت توجهاتها بحسب عائدية تمويلها، وبالتالي فإن الحيادية الإعلامية، قد أصبحت في خبر كان!، بل الأدق، لا وجود لها في هذا الظرف بالذات ، فكل منهم يحاول جلب النار لصاحب خبزته!، حتى بات بعضهم، يتصور إنه نجم لا يجارى ما دامت الكاميرا مسلطة عليه، يتحدثون في كل شئ إلا عن برامجهم الإنتخابية وعلى ماذا سيقنعون الناخبين للإدلاء بأصواتهم لقائمته، حتى بات بعضهم، يتراشق مع زملائه الآخرين للنيل من حصتهم الإنتخابية، وبعضهم لا يعرف عن ماذا سيتحدث، لإنه أصلا بلا برنامج واضح المعالم، يمكن أن يطرحه، بل مجرد مشاركته في برنامج حواري هو للرد على ما قيل عنه، وليدافع عن نفسه ضد التهم الموجهه إليه فقط ، وحتى هذه (التهم)، عدها البعض نوع من الدعاية الإنتخابية المضافة، وتزيد من (الطشة) التي يبغيها!، بعد أن شملت الخلطة الإنتخابية (مشاهير) جرفتهم رياح السوشيال ميديا، ممن وسم نتاجهم بالمحتوى الهابط الذي يعاقب عليه القانون!، وآخرين يستندون على عكازة المال التي وفرتها لهم كتلهم، ببساطة أضحت الصفعات الكلامية التي يوجهها بعضهم لبعض، هي السائدة في الحوار، وبدا نشر الغسيل على حبال وسائل الإعلام، أمر لابد منه في التوضيح والإقناع، بينما هو في حقيقة الأمر، إرتداد عكسي يفضح خواء بعضهم ويكشف حقيقة الأرض الجرداء التي يقفون عليها.

وهذا (التنابز) إن صح التعبير، لم يقتصر على المرشحين المتنافسين أنفسهم، بل إمتد إلى بعض الاعلاميين من مقدمي البرامج الحوارية، كل منهم يمسك زلة (الطشة) على زميله الآخر، ويبني موضوع حلقته على صدى (هوشة) من سبقه في التناول، من خلال إستثمار خلاف ذلك المرشح مع مقدم آخر، لأسباب مختلفة من بينها (الخلافات المالية)، أو منافسات العمل أو حسد عيشة!، كما ان بعضهم تسخره أجندات قناته، للإيقاع بضحيته وإسقاطها بالضربة الفنية القاضية، من خلال تلقيها لإسئلة محرجة غير متوقعة، تنبش في ماض سحيق، ليس الهدف منها كشف الحقيقة بل تعرية المقابل بالسلب، بعد أن قاربت قوائم الترشيح، الثمانية آلاف مرشح، فتأخذ تلك القنوات على عاتقها (غربلة) الاعداد وتسقيط أكبر عدد ممكن منها، والباقي تتولاه أهواء الناخبين في الاختيار من عدمه.

ما أريد أن أصل إليه ، هو إن الإعلام، يتعرض اليوم لإمتحان حقيقي ولا سيما ضميره المهني، فهل يصمد بأن يكون منبرا للجميع؟، أم سلاح بيد بعضهم، فهو ليس ترفا ولا شعارا أخلاقيا تلوكه الألسن فحسب، بل يعد ركيزة أساسية في بناء الثقة بين المتلقي ووسائل الإعلام ومنصاته، فحين يتخذ الإعلام ، موقف الحكم النزيه لا اللاعب المنحاز، يتاح للناس أن يروا الصورة من جميع جوانبها من دون تزييف أو تلميع أو تحريف، من خلال إعطائه فرصا متكافئة للجميع في الظهور والطرح، فالإعلامي الحقيقي لا يرفع هذا المرشح أو ذاك، بل يرفع معياره المهني، المتمثل بكون الحقيقة فوق كل إنتماء ، وهذا المبدأ الذي تطرقت إليه ، للأسف تآكلت ذوائبه وتقطعت أوصاله، بفعل الإغراءات السياسية والضغوط المالية ، التي جعلت من بعض الوسائل الإعلامية أبواقا لا منابر، ومن هنا، يتطلب من الصحفيين والإعلاميين، أن يظهروا اليوم وقبل الغد، قيمة الضمير المهني الصحيح الموجه لإداء العمل من خلال الإلتزام بالشرف الإعلامي ومدونة سلوكه، التي تحدد الخط الفاصل بين الخطاب الموضوعي وبين الدعاية المقنعة، كون الإعلام المنحاز يضلل ويشوه وعي المواطن، أما الإعلام المحايد النزيه فإنه ينير طريق الإختيار بقناعة لا عن تضليل، وشتان ما بين التنابز والتنافس، فهل يعي بعضهم هذا الدرس؟.

 

 


مشاهدات 107
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/10/25 - 12:12 AM
آخر تحديث 2025/10/25 - 3:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 116 الشهر 16577 الكلي 12156432
الوقت الآن
السبت 2025/10/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير