الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
في مواجهة العبودية الصهيونية.. قراءة بالحرب الإسرائيلية الإيرانية

بواسطة azzaman

في مواجهة العبودية الصهيونية: قراءة في الحرب الإسرائيلية الإيرانية"

حمدي العطار

في زمن تتعدد فيه جبهات الصراع وتتقاطع فيه المصالح الدولية والإقليمية، تطفو على السطح أسئلة كبرى حول الموقف الإنساني والسياسي من الحروب، خصوصا تلك التي تخوضها قوى ذات تاريخ استعماري وعدواني مثل الكيان الصهيوني. ومع اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، بات من الضروري قراءة المواقف بعيدا عن الانفعالات اللحظية، وبوعي يتجاوز الخطابات التجزيئية التي تفصل بين الأنظمة والشعوب بشكل يخدم أجندات خطيرة.

*العبودية الصهيونية

بعد اندلاع الحرب بين الكيان الصهيوني وإيران، برزت أصوات متعددة، بعضها من مثقفين ومدونين وإعلاميين، تحاول الفصل بين الشعب الإيراني والنظام الحاكم. ورغم وجاهة هذا الطرح في سياقات داخلية، إلا أنه في ظل مواجهة مع عدو صهيوني معروف بعدائه التاريخي للشعوب العربية والإسلامية، يصبح هذا الفصل غير دقيق ولا يخدم سوى إضعاف جبهة المواجهة.

إن إسرائيل لا تميز في قصفها بين المدني والعسكري، والتجارب السابقة في فلسطين ولبنان وسوريا شاهدة على طبيعتها التدميرية، واستهتارها بأرواح الأبرياء. لذلك، فإن استهدافها لإيران ليس نابعا من حرصها على الشعب الإيراني، بل من سعيها لضرب أي قوة إقليمية تشكل تهديدًا لهيمنتها.

قد يختلف البعض مع النظام الإيراني لأسباب سياسية أو مذهبية أو قومية، لكن هذا الخلاف لا يجب أن يتحول إلى اصطفاف غير مباشر مع العدو الصهيوني. فالمعادلة واضحة: إيران اليوم في مواجهة مباشرة مع قوة غاشمة، وإذا ما سقطت، فإن الخطر سيتضاعف على باقي شعوب المنطقة، بما فيها شعوب الخليج والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين.

أما من منظور القانون الدولي، فإن ما تقوم به إسرائيل من ضرب للمفاعلات النووية والمواقع العسكرية الإيرانية يعد خرقا صريحا لميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لسيادة دولة عضو. لا توجد في القانون الدولي مادة تتيح لدولة أن تمنع أخرى من امتلاك برنامج نووي سلمي أو منظومة دفاعية، مادامت ملتزمة بعدم استخدامه لأغراض هجومية.

من المؤسف أن المجتمع الدولي، بدلا من إدانة العدوان، يحتفي بـ"القوة" متجاهلا مبادئ العدالة والشرعية الدولية. وفي هذا السياق، تبدو الضربات الإسرائيلية تعبيرا عن منطق الغطرسة لا القانون، وتستوجب موقفًا حازما من كافة الدول المدافعة عن السلم العالمي.

أما ما يطلب من إيران في المفاوضات – من تفكيك برنامجها النووي وإنهاء مشروعها الصاروخي – فلا يعني إلا الاستسلام الكامل. وإذا كانت الدول الكبرى تخشى كوريا الشمالية لأنها امتلكت الردع النووي، فإن إيران، إن أرادت البقاء، لا خيار أمامها سوى امتلاك القوة ذاتها. فلا لغة تحترم في هذا العالم سوى لغة الردع والتوازن.

وعلى من يظن أن "عصر الصهاينة" قد بدأ، أن يتذكر أن الشعوب الحية لا تقبل العبودية، ولا تُحكم بالبسطال الصهيوني مهما طال الزمن. العبودية الصهيونية مشروع استعماري مرفوض من شعوب تملك حضارة وكرامة وذاكرة مقاومة.

الخاتمة:

الصراع الجاري ليس مجرد مواجهة بين دولتين، بل هو اختبار للضمير العالمي، ولمواقفنا كعرب ومسلمين. فإما أن نتماهى مع دعايات التفريق والتحريض، أو نتمسك بالموقف الأخلاقي الذي يرفض العدوان الصهيوني، أيا كان الطرف الآخر. لقد آن الأوان أن نعيد تموضعنا على خريطة الصراع، وأن ندرك أن التناقض الأساسي لا يزال كما كان: مع الاحتلال والاستعمار والهيمنة الصهيونية.


مشاهدات 135
الكاتب حمدي العطار
أضيف 2025/06/15 - 3:14 PM
آخر تحديث 2025/06/16 - 6:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 179 الشهر 10247 الكلي 11144901
الوقت الآن
الإثنين 2025/6/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير