إسرائيل وإيران في مرمى النار

محمد علي محيي الدين

في تصعيد غير مسبوق، تحول الصراع الخفي بين تل أبيب وطهران إلى حرب معلنة، إثر هجوم جوي إسرائيلي ضخم استهدف نحو مئتي هدف عسكري ونووي داخل إيران، من بينها منازل كبار قادة الحرس الثوري والجيش، وعلماء بارزون في البرنامج النووي الإيراني، وسط مؤشرات على تورط عملاء داخليين في تسهيل هذه الضربات الدقيقة.اللافت في هذا الهجوم ليس حجمه فحسب، بل ما كشفه من هشاشة المنظومة الدفاعية الإيرانية، وعجزها عن التصدي لخمس موجات متتالية من القصف. فقد بدا المشهد صادمًا لدولة لطالما قدّمت نفسها كقوة إقليمية قادرة على ردع أعدائها، إذ لم تتخذ حتى الحد الأدنى من الإجراءات الاحترازية لحماية قادتها ومنشآتها الحيوية، على غرار ما فعله نظام صدام حسين أيام التهديدات الأميركية.

دفاع جوي

الضربات الإسرائيلية، التي تؤكد اختراقًا استخباراتيًا واسعًا، تعزز ما قالته تل أبيب سابقًا عن تدمير منظومات الدفاع الجوي الإيراني، وتجعل إيران مكشوفة أمام أي هجوم جوي محتمل. وهكذا يتضح الفارق بين التهديدات الإعلامية المستمرة منذ عقود، وبين الفعل العسكري الحاسم الذي تم في صمت وبكفاءة.هذه التطورات تسقط أيضًا الرواية القائلة إن الصراع بين إيران وإسرائيل مجرد مسرحية تخدع بها الشعوب. فبعد اليوم، من الصعب على أي طرف أن يدّعي وجود تنسيق أو تمثيلية بين الطرفين، خصوصًا بعد أن أعلنت إسرائيل تنفيذ الهجوم دون موافقة واشنطن، التي أُبلغت بالعملية لكنها لم تؤيدها.والآن، تُطرح أسئلة محورية: هل ترد إيران بشكل مباشر وتستهدف المصالح الأميركية، مما يدفع واشنطن إلى دخول الحرب؟

وهل تتدخل دول حليفة لإسرائيل مجددًا لاعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية؟ وما موقف الفصائل العراقية وتهديداتها باستهداف المصالح الأميركية في العراق أو شن هجمات على إسرائيل؟   

وكيف سيحافظ النظام الإيراني على تماسكه الداخلي أمام شعب صُدم بضعف الرد وبقوة الضربة؟تبقى المجهول الأكبر: هل تتواصل الضربات الإسرائيلية لتدمير البــــــــــــنية التحتية النووية والعسكرية الإيرانية بالكامل؟

وهل يستطيع المجتمع الدولي احتواء الموقف قبل أن يتحول إلى حرب شاملة تُهدد استقرار المنطقة بأسرها؟

ان ما جرى ليس مجرد هجـــــــوم، بل لحظة فاصلة قد تعيد رسم توازنات القوة في الشرق الأوسط، وتُدخل المنطقة في مرحلة جديدة من التصـعيد الخطير.