بغداد في مرآة الزمن
جليل عامر
مرت الثقافة العراقية خلال العقود الخمسة الماضية بتحولات عميقة، عكست التغيرات المتسارعة التي طرأت على المجتمع العراقي في بنيته وتركيبته ووسائل تعبيره.
ويُعزى هذا التحول إلى جملة من الأسباب، في مقدمتها…“الهجرة المستمرة إلى المدينة”، حيث أسهمت موجات الهجرة المتواصلة إلى إدخال أنماط جديدة من العادات والتقاليد للمجتمع البغدادي، وأدى أحياناً إلى تصادم بين القيم الغربية والحضريّة، وبين ماضٍ حافل بالإنتاج الثقافي وحاضر تتسم ملامحه بالتنوع والتعقيد.وقد ترتب على هذا التحول الاجتماعي هجرة معاكسة تمثلت في نزوح عدد كبير من البغداديين الأصليين إلى خارج العراق، بعد أن وجدوا صعوبة في التكيّف مع التغيرات الثقافية التي فرضتها المجتمعات الوافدة.هذا الفراغ أفسح المجال لتلك المجتمعات لترسي وجودها في قلب العاصمة، حاملة معها منظومات جديدة من العادات والتقاليد، ما أفضى إلى إعادة تشكيل الهوية البغدادية، وجعل من بغداد مدينة معقدة الملامح على صعيد المعيشة والثقافة، لا سيما عند مقارنتها بصورة السبعينيات التي اتسمت بالوضوح والتوازن . إنها مفارقة صارخة بين ماضٍ أنيق وحاضر مضطرب، ففي الزمن الذي كانت فيه بغداد تتباهى بشوارعها النظيفة، ومناظرها الأسرية، وأناقتها الفكرية، ونقاشاتها الأدبية الراقية، لم يبقَ اليوم من تلك الصورة المشرقة سوى أطياف باهتة. فقد تراجعت الذائقة العامة بشكل لافت، ليحل محلها انفلات سلوكي وثقافي، أنتج جيلاً بات همه الأوحد هو الظهور والانتشار، بغض النظر عن الوسائل أو العواقب. حتى وإن كان الثمن تحويل خصوصيته، وأحياناً أسرته، إلى مادة للسخرية في فضاء رقمي بلا ضوابط. رغم ما احتاج الثقافة العراقية، ولا سيما في بغداد، من تحولات جذرية وتحديات مركبة.برأيكم، ما العوامل التي أدت إلى تراجع أوضاع بغداد إلى هذا الحد؟ وما السبل الكفيلة بإعادة المجتمع البغدادي إلى ازدهاره وتألقه الذي عُرف به عبر التاريخ