كلمات على ضفاف الحدث
الوسطية في مواجهة التحدّيات
عبد الـله عباس
أطلعت ‘ مرة على حكاية تروي حدث حصلت في مصر والحكاية تَقول: أنه وفي زمن الحكم الملكي :
رشح للانتخابات البرلمانية في أحدى القرى المصرية شخص له دكتورا من جامعة سوربون الفرنسية و رشح لمنافسته (عمدة) القرية، عند بدء حملة الدعاية الإنتخابية، تحدث الدكتور أمام الناخبين في منطقته عن العمل من أجل الديمقراطية وضمان حرية الفرد .....ألخ،
وفي يوم التالي عقد العمدة ندوة مماثلة للدعاية إلانتخابية، فكانت اول كلمة تفوه بها كانت السؤال التالي إلى الحاضرين من أهل قريته : هل تعرفون ما معنى الديمقراطية التى يتعهد الدكتور لجلبها لكم ؟ فأجاب بنفسه وقال : أنها تعني كما انتم الرجال لكم الحق ان تتزوجون لحد الاربعة نسوة كذلك الديمقراطية تسمح أن تتزوج (نسوانكم..!) بأربعة رجالة...!!! بعد هذه الندوة مابقى للدكتور قيمة بين أهل قريته وما كان له ان يفكر بخوض اية تجربة إنتخابية، ومنذ ذلك الوقت أيضاً، ومن خلال احداث كهذه يٌحتَسب من قبل (العلمانيون) ذلك الوقت و(عولميون) هذا الوقت حيلة العمدة وجهل الناس الابرياء على الاسلام ورأي الاسلام تجاه حرية الانسان ....
اذاكان والى القيام الساعة الهدف الآساسي والغاية اللآساسية للاسلام الصادق الحقيقي هي تحرير الانسان من العبودية للانسان أو الطواغيت ؛ وهي كل ما يعبد من دون ألله ؛ وتاسيسا على هذه الحقيقة أصبح الانسان في الرؤية الاسلامية أكرم المخلوقات على ألله ؛ حيث خلقه ( في أحسن التقيوم) ونفخ فيه من روحه ؛ وهو الوحيد من بين مخلوقاته الذي اختاره ليكون خليفته في الارض ؛ وكرمه بالعقل وهداه السبيل وعلمه البيان ؛ واذا كانت حقوق الانسان في منهج الاسلامي ترقى الى مستوى الضرورات في التشريع الاسلامي الذي يحققها المكلف في الواقع الخارجي على سبيل الامتثال والتبعد بالاحكام الالهية؛ فان ضمانات المحافظة على هذه الحقوق تتحول هي أيضآ الى ضمانات شرعية تستند الى الشريعة لا الى قرارات الآغلبية ؛ وبذلك لاتكون تحت رحمة سلطان الاغلبية أو من هو قادر على تشكيلها وصنعها ؛ فهي مباديء ثابتة تفرضها الشريعة وتتأسس على العقيدة وتلتزم بالاخلاق الثابتة .نقول اذا كان ولايزال والى القيام الساعة هذا من الثوابت الاسلام كيف ومن فتح مجال امام الطواغيت أعداء الانسانية قبل الاسلام في عصرنا الراهن ان ينظمون حملاتهم شرسة على الاسلام ؛ وحجتهم هو اضطهاد الانسان وعدم احترام حقوقه الانسانية ولان الاسلام ارهابي...!!
واقع عربي
قد تكون علتنا في وعينا البائيس بالديني امام امواج الدنيوية الذي جر علينا تلك الويلات الكارثية ؛ فازمة الواقع العربي والاسلامي الحالي من الطبيعي أن تدفع الفرد لمساءلة مخزونه الديني وتامل الناطقين باسمه... ومن جهة أخرى تطرف لامنطقي (بل بشكل يدل على الغباء) من ادعياء العلمانية ومدعي الحداثة والعصرنه المخادعة بالالوان الزاهيه ودعواتهم ضرورة انسجام مجتمعاتنا مع موجاتها ومصرين على نقله لنا حتى ولو بالقوة دون اكتراث لاية ايجابيات الاصاله في مجتمعاتنا الشرقية ؛ وعدم وجود العقلانية في نشر وعي (أخذ وعطاء) في مسيرة التطور الوعي الثقافي وبناء الحضاري بين مجتمعات متنوعه دون خسارة الاصالة احد منهم ؛ مما أدى الى تقسيم أكثرية المجتمعات الاسلامية والشرقية الى عديد من الاطراف متناحرة ؛ اخطرهما طريقتين متمسكتين بالتشدد: اغبياء نقل المباشر من الغرب ومتعصبين المتمسكين بعدم سماح لتطور حتى وبشكل طبيعي المنطلق من الموروث الحضاري لمجتمعاتنا.....ولذا ترى الحورات بين مجمل تلك الاطراف مشادات كلامية أكثر منها مساءلة وتفحص وتدبر وتنفجر المهاترات بتقسيم المشاهدين والمتابعين . وبترسيخ الفرقة والتعصب بينهم ؛ في حين هموم الناس هو البحث عن الاجابة واقعية لتساؤلاتها ومشاغلها.... ومن المؤسف أن بعض الجهات الدينية حول نشر الوعي الموضوعي متعلق بالدين ؛ الى حركة كسوله ضمن دائرة وظيفية مغلقة لايدخلها الا ضوء المفروض من المشتركين في الطابع الوضيفي متعالي ووصائي: أنت تسأل وفارضين انفسهم على تفسير الشريعة والحكمة تجيبان ؛ نادرآ ما تجدهم ينظرون في واقع ومعيشه عندما يفتون أو يفكرون ؛ بل يلتفون الى خلف أو يقفزون فوق واقع ويسعون لبث بين العامة معرفة املائية ضخمة بالمضمون ليست وليدة بحث وقراءة وتدبر بل معبرة عن محتكري الوعي الصائب وما يجود به توظيفهم للاقوال والمواقف والفتاوي ؛ في الحال ان الموروث المبدئي يؤكد أنه ينبغي أن يتنازل المتعالم عن عليائه ليفكر مع الناس في مشاغلهم ويلزم نفسه بالوعي العلمي المتفتح
أما المغرورين بالثقافة الغرب يعتزون وبدون خجل ان هذا الاعتزاز هو انسلاخ من الاصل ؛ يتحدثون ويمدحون مظاهر التقدم واحترام الحقوق الانسان في الغرب مستهزئين بالموروث التأريخي والروحي لمجتمعاتهم وقفز فوق اسس التوازن بين فيئات المجتمع بحجة تطور والتحاق بالمسيرة العصر ؛ دون قراءة دقيقة لاساسيات مصلحة المجتمع والحقوق العامه لجميع متجاوزين اطار الاجتماعي والانساني لمفهوم الحق والحقوق ؛ متناسين ان اروع بند في صياغة ميثاق الدولي لحقوق الانسان يبدى بمقولة الخليفة الاسلام العادل عمر بن الخطاب ....وفي حين هناك في الغرب من يصحو ويعيد النظر بتقيمه للاسلام واحترام الاسلام للراى الاخر وهذه الشخصية الغربية (غرام فولر) الذي قالت عنه مجلة السياسة الخارجية التي نشرت مقاله: إنه كان في السابق نائب رئيس المجلس الأمني القومي في وكالة السي آي إيه C I A، وهو الآن أستاذ تاريخ غير متفرغ في جامعة كندية. وهو مؤلف عدة كتب عن الشرق الأوسط، منها كتاب: مستقبل الإسلام السياسي.
أحصى الكاتب في هذا المقال أهم التهم التي يوجهها الغرب ضد الإسلام: أن الإسلام هو سبب العلاقة العدائية بين الغرب والشرق الأوسط، وأنه هو سبب عدم الوصول إلى حل المشكلة الفلسطينية.
وأنه سبب الدكتاتوريات في بلاد الشرق وأنه سبب الإرهاب. وقال: إنها كلها تُهَم باطلة. وليبرهن على بطلانها؛ طَلَبَ من القارئ في بداية المقال أن يتصور عالماً لا إسلام فيه، فسيكون هنالك شرق مكون من: عرب، وفرس، وترك، وأكراد، ويهود، وبربر، وباشتون. ولو لم يكن هؤلاء مسلمين؛ لكانت المسيحية هي الدين السائد بينهم كما كانت قبل الإسلام؛ هل كان هذا سيجعل الشرق الأوسط في توافق مع أوروبا؟
كلا؛ فإن أوروبا لها مطامع جيو - سياسية واقتصادية في الشرق الأوسط ما كانت لتتنازل عنها لأن سكانه من المسيحيين؛ فحروبها الصليبية لم تكن في حقيقتها حروباً دينـية، وإنما كانـت لمآرب دنـيوية استُغِل الدين لتسويغها. وما كان مسيحيو الشرق الأوسط سيرحبون بمسيحيين يأتون من الغرب ليحتلوا بلادهم، ولينهبوا خيراتها، وليقسموها تقسيماً يتوافق مع مصالحهم. وإذاً؛ فإن موقفهم من الغرب كان سيكون كموقف المسلمين اليوم، كما فعلت شعوب غير إسلامية في أمريكا اللاتينية وفي الهند.
ولكن ؛ علينا ان تكون لدينا شجاعة كما نتحدى نقل (غباء الغربي الملون) ان نتحدى ايضآ من يدعون دون سند الشرعي أنهم حملة الموروث مع انهم يحرضون على تكريس الجهل لدى الناس في مجتمعاتنا من أجل تحكم من خلال ذلك سيطرتهم على الناس ؛ اننا في التمسك بالموروث وضرورة مواكبة التطور (وهذا ما يشجعه الاسلامي الصادق) بحاجه الى نظر الى الاشياء والحوادث من دون احكام مسبقة جاهزة اوعبر عوينات أيديولوجيات متكلسة ؛ وسيكون أخطر عندما توجه اغراض السياسية عدسات تلك العوينات ..!
ونختتم كلامنا برواية في كتاب (اللمحات _الجزء الثالث) للكاتب العراقي الخالد الذكر الدكتور علي الوردي،، يقول الرواية: (أن الشاه ناصرالدين صرح ذات مرة: انه يود أن يكون محاطا بحاشية من الاغبياء؛ لايعرفون عن بروكسل أهي مدينة أم نوع من الخس :::!!) لكي نتحدى من يريد ان يحطم احلامنا في تكوين مجتمعاتنا المحصنة والمشعة ؛ علينا تمسك ب (الوسط )لامطلق بين خطي بداية ونهايةولا مطلق الا عند الذي خلقنا....ورحمه الله امراء عمل عملآ فأتقنه