نقرأ في كتب فلسفة الخلق، أن أبناء آدم حين تنازعا وتقاتلا، فقتل قابيل أخاه هابيل، وبعد هنيهة، أستنكر فعلته، وأحتار ماذا سيفعل بجثة أخية، ولكنه حين شاهد غرابان يتقاتلان، ويقتل أحدهما الآخر، ثم يضع أخوه في حفرة ويواريه التراب بمنقاره، ومنه تعلم أن التراب سيحفظ جثة أخيه، فمن التراب خلق وإليه سيعود، وهكذا فعل .
واليوم في عصر التقدم التقدم التكنولوجي المذهل، هل يمكن للإنسان أن يتعلم من الحيوان … نعم بالتأكيد. ففي مطارات العالم/ والموانئ، ونقاط الحدود البرية الأوربية، نشاهد الكلاب تقوم بواجب تفتيش حقائب وامتعة القادمين، دون الحاجة لفتحها، فالكلاب المدربة / المدمنة على المخدرات بأنواعها، قادرة على شم المواد المخدرة ومن مسافات بعيدة، بدقة متناهية لا. تحتمل الخطأ . وحين يشير الحيوان إلى حقيبة، فقراره ينفذ حتماً (تفتش الحقيبة). ولو كانت لدبلوماسي، أو لشخصية حكومية رفيعة.
أريد القول، أني مرة كتبت عن نظرية سياسية، توصلت إليها، وهي « نظرية التدمير المزدوج «، وهي حين يشتبك طرفان في صراع ضار، بشتى الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية، وفي مشاهدة أفلام القتال بين الحيوانات، قد يكون أحد الأطراف يتمتع بقوة معروفة كالأسد، من الصعب الاعتقاد بأن حيوان آخر يمكن أن يتغلب عليه، ولكن هذا ليس سبباً للاستسلام، فالحيوانات معظمها تخوض القتال جماعات وأسر، والطرف القوي (الأسد) المقاتل الشرس، يعلم أن إلحاق جرح عميق به، قد لا يقتله على الفور ولكن الجرح سيتفاعل ولا توجد في الغابة مستشفيات، أو أدوية مضادة للالتهابات (Antibiotika)، لذلك فقد يؤدي به هذا الجرح به إلى الموت. وهذا ما يحدث في القتال مع الجاموس البري، أو التمساح، أو الأفاعي السامة، وحتى مع الغرير الحيوان الصغير حجماً بمرات عديدة قياساً للأسد، ولكن الشرس جداً، بحيث يخشاه الأسد، أما الضبع الجبان، فيولي منه هارباً. وفي كل هذه عبر ومغازي ..!
ففي الغابة، وأحياناً يمكن تشبيه العالم بالغابة، لكن الوحوش ترتدي أطقم فاخرة بيير كاردان، وبالمناسبة، ألم يكتب الاديب البريطاني المشهور جورج أرول روايته الشهيرة عالميا (مزرعة الحيوانات / ِAnial farm ) وأعطى أبطال روايته أوصاف الحيوانات وهي من الروايات الخالدة في الأدب العالمي، وهذه لم تكن المرة الأولى في تاريخ الأدب، فقد سبقته الرواية الشهيرة « كليلة ودمنة) والتي يرجح أن كتبت في الهند، ونقلها للعربية عبد الله بن المقفع. وتشبيه جورج أرول لأبطال روايته (مزرعة الحيوانات) وجدها الكثيرون مناسبة تماماً لجوهر الرواية.
كلف باهظة
في أوربا تعتبر أفلام الحيوانات من البرامج المفضلة لكافة الأعمار، وينتج هذه الأفلام والبرامج خبراء مختصون، وبكلف باهظة، وفي مشاهدتها متعة لمن يحب الإثارة والألوان والمناظر الطبيعية، ولكن هناك أيضاً من يبحث في السلوك الاجتماعي للحيوانات، وقد تلاحظ ما يستحق الاعتبار والتأمل، فهناك حيوانات اجتماعية، وأخرى أقل من ذلك… والمسألة الرئيسية في مجتمع الحيوانات هي الحصول على الغذاء، والتزاوج ورعاية الأطفال.
في مشاهدة الحيوانات، متعة وأيضا لا تخلو من الفائدة، مثلا حين مراقبة الغراب ستصاب بالدهشة لذكاء هذا الطائر في تصرفاته، وبصورة عامة، نجد الحيوانات لها عمر قصير حتى تلك التي توصف بالذكاء او الوفاء كالكلب(13 / 15 سنة)، ولهذا فإن الحيوانات لا لغة (تقريباً) لها، واللغة التي هي عنصر رئيسي في الاجتماع، ومن أولى نتائج العمل، وكلما تقدم نوع العمل ستتقدم اللغة و سيرتقي المجتمع ومن يعيش فيه، ويشارك في تطوره.
في معاهد اللغة، وعلم اللغات، نتعرف مثلاً، أن أدنى مستوى، وإنتاج، هو الاقل تحضراً، فالفلاح الألماني لا يتكلم بمعدل يوم عمل بأكثر من 800 كلمة، دون ريب العامل في مجال أكثر تطوراً ويزيد على هذا المستوى، العمل في مجال الاقتصاد والتجارة والصناعات.
نتعلم دون توقف، ونستفيد من أخطائنا وأخطاء غيرنا.