الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لو انقلبت المعادلة.. لماذا يُسمح بضرب كردستان ويُحرَّم ردّها ؟

بواسطة azzaman

لو انقلبت المعادلة.. لماذا يُسمح بضرب كردستان ويُحرَّم ردّها ؟

سوزان ئاميدي

 

في كل مرة تتعرض فيها إقليم كوردستان لضربة عسكرية أو أمنية تستهدف مطاراً، حقلاً غازياً، أو موقعاً حيوياً، تتكرر المشاهد نفسها :

بيانات خجولة، صمت رسمي عراقي، قلق دولي بارد، وتبريرات إقليمية جاهزة.

ثم تمضي الضربة… وتُنسى. لكن السؤال الذي يُتجنب دائماً : ماذا لو انقلبت الصورة ؟

ماذا لو كانت ضربة واحدة فقط من البيشمركة نحو موقع عراقي ؟ كيف كان سيتصرف الجميع ؟

الجواب معروف، لكنه محرِج ….لو حدث ذلك، لتحركت بغداد بأقصى درجات الحزم ووصفت الفعل بالتمرد والانقلاب على الدولة .

البرلمان كان سينعقد فوراً والقرارات العقابية كانت ستُصدر بلا تردد والقوى الإقليمية كانت ستتوحد ( رغم تناقضاتها ) دفاعاً عن «وحدة العراق» .

أما المجتمع الدولي، الذي يلتزم الصمت اليوم أمام الضربات المتكررة على كوردستان ، فكان سيستيقظ فجأة على خطورة التصعيد وضرورة «ضبط النفس» من طرف واحد فقط: الكورد .هذه ليست قراءة افتراضية ، بل معادلة مجرَّبة.المفارقة أن إقليم كوردستان، حين لم يستخدم السلاح بل لجأ إلى أبسط حق داخلي وسياسي – الاستفتاء – قامت الدنيا ولم تقعد .

لا ضربة عسكرية، لا إعلان حرب، فقط صندوق اقتراع ومع ذلك، عوقب الإقليم سياسياً واقتصادياً وجغرافياً وكأنه ارتكب جريمة كبرى .فما بالك لو اقترب من خيار القوة ؟الحقيقة التي يعرفها الشارع الكوردي جيداً أن المعادلة ليست قانوناً ولا سيادة ولا استقراراً، بل مصلحة.الكورد مقبولون ما داموا داخل هامش مرسوم لهم بدقة : يحرسون الحدود حين يُطلب منهم ، يوفرون الاستقرار حين تحتاجه الشركات، ويصمتون حين تُنتهك سيادتهم .

أما إذا اختلفوا «ذرة واحدة» إذا طالبوا بحق ،أو حاولوا كسر حلقة الاستباحة، فإنهم يواجهون فجأة إجماعاً دولياً نادراً… ضدهم .وهنا لا بد من طرح السؤال الأعمق :لماذا يُنظر إلى الضربات المتكررة على كوردستان وكأنها تفصيل ثانوي ؟ولماذا يُختبر صبر الكورد دائماً، وكأن التاريخ لم يكن كافياً ؟كوردستان لم تُقسَّم بقرار شعوبها، بل بقلم القوى الكبرى .قُسّمت بين أربع دول ، ثم تُرك شعبها يواجه الاضطهاد باسم «احترام سيادة الدول» نفسها التي وُلدت من تجزئته .والأكثر قسوة أن هذه القوى، التي تتحدث عن حقوق الإنسان والديمقراطية ، لا تجد حرجاً في التضحية بحقوق الكورد دفاعاً عن أنظمة دكتاتورية حين تقتضي المصلحة .

لهذا لا يتساءل الشعب الكوردي من باب العناد ، بل من باب الوعي :

إلى متى تبقى كوردستان ساحة مفتوحة بلا رد، وبلا حتى موقف محترم ؟

وإلى متى يُطلب من الكورد أن يكونوا عقلانيين وحدهم، بينما يُكافأ المعتدي بالصمت؟إن تكرار الضربات ليس قدراً، بل نتيجة مباشرة لهذا التعامل غير المسؤول من جميع الأطراف : محلية، إقليمية، ودولية .

ولو كان رد الفعل حازماً منذ الضربة الأولى، لما تكررت الضربات اليوم .المعادلة واضحة، وإن كانت قاسية : حين لا يكون لسيادتك ثمن، ستُدفع دائماً من جسدك .

 

 

 


مشاهدات 38
الكاتب سوزان ئاميدي
أضيف 2025/12/05 - 3:59 PM
آخر تحديث 2025/12/06 - 2:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 100 الشهر 3859 الكلي 12787764
الوقت الآن
السبت 2025/12/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير