الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مجلس السيادة.. النموذج الأمثل لإكتمال وإنضاج أركان الدولة

بواسطة azzaman

مجلس السيادة.. النموذج الأمثل لإكتمال وإنضاج أركان الدولة

رياض عبد الكريم

 

في حوار موسع اجريته قبل الانتخابات مع الدكتور اياد علاوي زعيم أئتلاف الوطنية ورئيس التجمع المدني الوطني العراقي أثار وبنوع من التأكيد قضية غاية في الأهمية الا وهي تشكيل مجلس للسيادة او كما تسميه الكثير من الدول بمجلس الشيوخ او الاعيان او مجلس الامة ، ولكي تتضح الصورة انقل مقترح الدكتور علاوي نصا :

في كل دورات البرلمان السابقة لم نلحض نشاطاً جدياً ومتفاعلاً من قبل لجان الرقابة وهي احد اهم لجان البرلمان  التي هي بمثابة عين البرلمان في متابعة الاداء الوظيفي لكل مؤسسات الدولة، التي ينتشر فيها الروتين والبيروقراطية والفساد، فهل وضعتم تصورات منهجية لتفعيل دور هذه اللجان، لأن موضوع الرقابة هو جزء مهم من عملية الاصلاح والتغيير؟

«نرى أن نهاية عمل لجان الرقابة يجب أن تتوج بتشكيل مجلس سيادة وطني في العراق، يمثل العراقيين جميعا، ويأتي تأسيسه عبر حوار وطني معمّق.

في هذا الإطار، ستكون مهمة الرقابة منوطة بهذا المجلس الأعلى، الذي نُطلق عليه «مجلس الأمة»، ليكون البديل الفعلي للجان الحوار والرقابة التقليدية، فنحن لسنا جهة أمنية تُعنى بمراقبة الآخرين، بل نؤمن بأهمية المراقبة الفعالة المستندة إلى ما ينص عليه الدستور.

عقبات سياسية

الدستور العراقي ينص صراحة على ضرورة إنشاء هذا المجلس، إلا أن العقبات المتمثلة في التفاعلات السياسية والمحاصصة حالت دون تشكيله حتى الآن. ولذلك، فإننا نقترح أن تُحال صلاحيات الرقابة والمعاقبة من اللجان الحالية إلى هذا المجلس، الذي سيكون مؤسسة عراقية خالصة، محايدة، ولا تخضع لأي توجهات ولائية أو انتماءات حزبية

وفي تقديري ومن خلال متابعة شؤون الأنظمة العربية والعالمية المتماسكة في البنية السياسية والتكوين الحكومي والتشريعي فأن هذا المجلس يحتل الأولوية من حيث الأهمية في إدارة الدول واعطائها الحيز الواسع في التفكير والمرونة قبل اتخاذ القرار، بل وقبل التسرع في اتخاذه او التحيز والمرواغة في تمريره .

ست دورات مضت على تسلسل الانتخابات ونحن مقبلون على الحكومة السابعة ، وكما ذكرت في العديد من المقالات السابقة فأن اية مراجعات او تقييمات او مؤتمرات سنوية كان ينبغي ان تمارسها الأحزاب والكتل السياسية لمراجعة مسيرة أدائها لم تحصل على الاطلاق وكذلك على مستوى المؤسسات الأساسية التي تحكم البلد وبالأخص مسيرة البرلمان التي بقيت متصخرة جامدة غير محدثة بل وغير معنية بالمتغيرات التي حصلت طيلة الأكثر من عشرين عاما ومارافقها من إخفاقات وفشل في أداء المهام ناهيكم عن التقاطعات والخلافات والانسحابات التي عصف بجلساته والتي غالبا ماتنتج فشلا ذريعا في التصويت او التوافق على القرارات المقدمة للتشريع، ناهيكم عن ضعف الأداء وعدم إعطاء الأولويات في اختيار القوانين والأنظمة التي كان من الضروري منحها الاسبقية في التصويت عن سواها التي يمكن ان تؤجل الى أوقات لاحقة .

في ضوء ذلك تبرز فكرة مشروع تشكيل مجلس للسيادة لتحتل الأولوية في سياق المعالجات الإدارية ومنهج الإصلاح ، ذلك ان مثل هذا المجلس يُسهمُ من خلالِ دورهِ التشريعيِّ والرقابي، في تعزيزِ الاستقرارِ السياسيِّ وضمانِ جودةِ التشريعاتِ والسياساتِ العامةِ في الدولة العراقية ، إذ يُمثلُ المجلسُ عنصرًا أساسيًّا في تحسينِ فعاليةِ النظامِ السياسيِّ ويُعززُ من مشاركةِ الخبراتِ الرفيعةِ في صنعِ القرارِ، كونه يعتمد على خبرات وظيفية وتخصصات متنوعة مثل رؤساء الوزراء والوزراء الحاليون والسابقون، ومن عمل سابقاً في مناصب السفراء، والوزراء المفوضين، ورؤساء مجلس النواب، ورؤساء وقضاة محكمة التمييز ومحاكم الإستئناف النظامية والشرعية، والضباط من رتب عالية والمدنيون المتقاعدون من ذوي الاختصصات والكفاءات المشهودة ، والنواب السابقون الذين انتخبوا للنيابة لدورة او دورتين ، ومن ماثل هؤلاء الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماداً بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن ، على ان يتجاوز هذا المجلس كل اشكال الطائفية والمحاصصة والمناطقية والولائية وان تحدد بالإضافة الى ذلك جملة معايير ومواصفات أخرى تؤكد نزاهة ووطنية الشخصيات المختارة وولائهم للوطن والشعب .

ان العراق يمر الان بفترة عصيبة بالغة الخطورة والحذر وهو أيضا مقبل على تشكيل حكومة جديدة لم تتضح لحد الان صيغ التوافقات على تركيبة تلك الحكومة وهو أيضا امام مفترق طرق بين الضغوط الامريكية  الاسرائلية وبين الاجندات الإيرانية وكل ذلك اذا لم تفلح الدبلوماسية والصياغات المتعقلة في انتاج الحلول فمن غير المستبعد اللجوء للحلول العسكرية ، عليه فأن التفكير بأعادة المشهد السياسي واستحداث تشكيلات إدارية جديدة تخدم المرحلة وتهيأ لاظاهر صورة العراق بالمستوى الدولي الراقي والممنهج اصبح ضرورة ملحة لمعالجة السيل الهائل من الأخطاء التي ارتكبت خلال اكثر من عقدين من الزمن الماضي .

تشكيل مجلس

وفي هذا الصدد لايفوتني ان اذكر وبشيء من الخصوصية والتأكيد على من اقترح تشكيل هذا المجلس هو الدكتور اياد علاوي على ان يؤخذ مقترحه بأعلى مستويات الجدية والاهتمام والتخلي عن النزعات الفردية والتعصبية التي غالبا ما تحتويها عقول ونفسيات بعض القيادات السياسية اذا وجدت في مثل تلك الأفكار والمقترحات امرا لايخدم او يرضي مصالحاها وغايتها ، فقد ان الأوان ان تجري مناقشة كل القضايا والأمور من منطلقات وطنية وشعبية هدفها الارتقاء بالعراق وشعبه الكريم ، لان مقترح الدكتور علاوي هدفه ومضمونه الاسمى هو ان يكون للبلد مؤسساته المنتجة والمتفاعلة مع حاجات واولويات الوطن والشعب وان لاتقدم هذا الطرف على حساب الاخر ولاتخضع العملية السياسية للعدد او الكثرة بل يجب ان تخضع للكفاءة والنزاهة والانغماس في روح الوطن وقـيمة سيادته العظمى. فليس من المعقول ابدا ان تتصخر كل الإجراءات والقوانين والأنظمة ، وان تبقى على حالها لاكثر من عشرين عاما برغم كل المتغيرات العاصفة التي حصلت في العراق خصوصا وفي المنطقة عموما ومازات التحديات والتداعيات والتهديدات قائمة لحد الان.

 وعليه ولمواجهة كل ذلك لابد من إجراءات مراجعات واسعة وحثيثة للوضع الادراي والمؤسساتي في البلد وبحث التخمة الوظيفية التي صارت السبب في رداءة الأداء وشيوع الاتكالية وضعف الإنتاج ، وربما يكون احد اهم أسباب هذا التردي هو عدم تشريع القوانين والأنظمة التي تنضج الأفكار لتحسين الأداء بسبب ضعف القدرات البرلمانية وعدم توغلها او اهتمامها بكل مرافق الدولة وانعدام الرقابة البرلمانية وابتعادها عن مهامها التي تشكلت من اجلها ، وهذا كله بسبب عدم وجود رقابة ومتابعة لاعمال مجلس النواب ولجانه ، وهنا نشير الى ان من واجابات وصلاحيات مجالس السيادة او الامة في معظم الدول العربية والعالمية هو متابعة اعمال مجالس النواب والمشاركة في تمرير القوانين والأنظمة وكل التشريعات ولايصدر أي من هذه الاعــمال الا بموافقة المجلسين ، وفي ذلك تنضيج للقرار المتخذ وتمتين العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفـــيذية وإشاعة روح الديمقراطية في العمل المؤسساتي وترتيب البيت العراقي على أساس الأفكار الجمعية والمتعددة الكفاءات والتخصصات .

ونشير بهذا الصدد الى انه وبعد اعلان نتائج الانتخابات العراقية لعام 2010 حصل اتفاق بين الكتل الفائزة على تشكيل مثل هذا المجلس تحت مسمى مجلس السياسات على ان تسند رئاسته للدكتور اياد علاوي رئيس القائمة العراقية ، الا ان هذا الاتفاق تم التجاوز عليه .

 


مشاهدات 45
الكاتب رياض عبد الكريم
أضيف 2025/12/05 - 3:56 PM
آخر تحديث 2025/12/06 - 2:27 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 100 الشهر 3859 الكلي 12787764
الوقت الآن
السبت 2025/12/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير