عوينة.. الأديب والخطيب المتمكن
مسلم عوينة
فاتني أن أذكر لكم أن الشهيد حسن عوينة كان أديباً وشاعراً وخطيباً متمكناً، بالفصحى والعامية ،وقد لاحظته في الهزيع الأخير يجمع أشعاره في دفتر خاص ، لكن الإنقلاب الهمجي لم يمهله ، وفُقد ذلك الدفتر مع ما فُقد . وأضع أمامكم إحدى قصائده وعنوانها "إبنةُ الشعب في التحقيقات" وتفاصيلها أنه أثناء تعذيبه في التحقيقات الجنائية سنة 1954 شاهد شابّة مناضلة تتعرض للتعذيب أيضاً في محاولة لانتزاع اعترافاتها، وهي تتحداهم بصمودها وكبريائها . والمناضلة هي المرحومة أم الفنان العراقي المغترب (انتشال هادي التميمي). وبعد أن استقر به المقام في سجن بعقوبة نظم هذه القصيدة :
إبنةُ الشعب في التحقيقات
ضحكةُ الفجرِ وابتسامُ الأماني
بمحيّاكِ يا ربيعَ الزمانِ
أنتِ ترنيمةُ البلابلِ في الدوحِ تناغى بأعذب الألحانِ
أنتِ يا رقّةَ النسيم استقرّتْ
بتهادي ورقّةِ الأغصانِ
أنتِ زهرُ الرّبيعِ يعبقُ بالعطرِ نديّاً ونفحةُ الأقحوانِ
وبجفنيكِ للملاحةِ إشراقٌ وينبوعُ رقّةٍ وحنانِ
كلُّ ما في الوجود من بهجة الحسنِ تناهى لهذه الأجفانِ
أنتِ يا ذروة المكارمِ والنبلِ ولحنَ الكمالِ والوجدانِ
لستِ في الحُسْنِ وحدهُ والمزايا
مثلاً سائراً بكل لسانِ
أنتِ في روعةِ الجمالِ تحلّتْ
وتجلّتْ بروعةٍ في التّفاني
لكِ في صفحةِ المَفاخرِ سطرٌ
يتغنّاهُ كلُّ قاصٍ وداني
هو أسمارُ ندوةِ الخلّانِ
ونشيدٌ على شفاهِ الحسانِ
خلّفَ الحقدُ في الخدودِ لهيباً
وشراراً توري بهِ العينانِ
يومَ رامَ الأشرارُ إذلالَ جيدٍ
شامخٍ للسها بأسمى المعاني
لستُ أنساكِ تنفثينَ عليهم
جمراتِ البيانِ باطمئْنانِ
عذّبوني فإنّ سودَ الرّزايا
واهياتٌ بقبضةِ الشجعانِ
أنا للشعبِ للكفاحِ دعوني
أنا لا أرتدي لبوسَ الهوانِ
أنا لا أسحقُ الكرامةَ لا ،لا
كلُّ غُنمٍ سوى الكرامةِ فاني
……………………….
يا اٌبنةَ الشعبِ والكفاحُ مريرٌ
ليس فيهِ رغم الرزايا تواني
وإذا ما ادلهمّ خطبُ الليالي
وتلاقى سيلٌ من الأشجانِ
فالصباحُ المنيرُ لابدّ آتٍ
مشرقَ الوجهِ باسماً للعيانِ
يبعثُ الروحَ في المروجِ خصيباً
ويُعيدُ الحياةَ للعنفوانِ
سوفَ ينسابُ بالنعيمِ ويجري
بالهنا والمسرّةِ الرافدانِ
وعلى السّهلِ والجبالِ ستصحو
شمسُ سِلْمٍ ضَحوكةٍ وأمانِ
——————
مع المحبة والتقدير.