بين قلق الروح وتساقط الشعر… معاناة أنثوية صامتة
هدير الجبوري
تمر المرأة احيانا بظروف نفسية قاسية، قد تكون أزمة عابرة، او هماً متراكماً يتسلل ببطء يوما بعد آخر، حتى يتحول الى قلق مزمن يثقل الروح ويستنزف طاقة الجسد.
في مثل هذه اللحظات القاسية لا يتوقف الاثر عند حدود الداخل، بل يمتد ليعلن حضوره على الملامح والمظهر الخارجي. واول ما يفضح هشاشة المرأة ومعاناتها غالبا هو شعرها، ذاك التاج الذي ارتبط بانوتتها وثقتها بنفسها، وصار رمزاً من رموز اكتمال حضورها امام ذاتها وأمام الآخرين.
كثيرات يكتشفن بعد اشهر من الضغط النفسي والسهر الطويل والانهماك في التفكير أن شعرهن بدأ يتساقط بكثافة، وان فراغات محرجة راحت تتشكل في مقدمة الرأس او على جانبيه. عندها لا تعود المعاناة مجرد مسألة جمالية، بل تتحول الى جرح نفسي جديد، وشعور عميق بالخجل من مواجهة الناس، وانكسار داخلي امام المرآة، وخوف مضاعف من فقدان ما تبقى ، وكأن المرأة تقف وحيدة امام خسارتين في آن واحد: خسارة الداخل الممزق بالقلق، وخسارة الخارج الذي يفضحها بلا رحمة.
هذه التجربة القاسية لا تستثني امرأة بعينها، ولا ترتبط بعمر او بمكانة اجتماعية او بدرجة قوة ظاهرة. كل النساء معرضات ان يمررن بها، وكل واحدة قد تجد نفسها فجأة امام السؤال الصعب: ماذا افعل أمام هذا المزيج من الالم النفسي والانعكاسات الجسدية؟ كيف اواجه روحي واعيد لشعري ما فقد؟
هناك حلول لوقف وتخفيف نزيف هذه المعاناة الانثوية تلخصت بالاتي بعد استشارات طبية مباشرة مع بعض اطباء الجلدية.. والاستعانة ايضا بالاجابات عبر الشبكة العنكبوتية وكانت هي :
(معالجة الجذر النفسي)
الشعر كما يقول الاطباء مرآة لحالتنا الداخلية حين ينهكنا القلق يختل توازن الهرمونات وتضعف الدورة الدموية في فروة الرأس فيسقط الشعر اكثر مما ينمو. لذلك فإن البداية الحقيقية تكون من الداخل. تمارين التنفس والاسترخاء تساعد على تفكيك عقد التوتر، والكتابة او المشي او الحديث مع شخص مقرب يفتح نوافذ للتنفيس عن الالم. وفي الحالات التي يطول فيها القلق حتى يعطل الحياة اليومية يصبح اللجوء الى معالج نفسي خطوة شجاعة وضرورية.
( دعم الجسد بما يحتاجه)
العناية بالشعر ايضا لا تنفصل عن العناية بالصحة العامة. ينصح الاطباء باجراء تحاليل للتأكد من مستويات الحديد وفيتامين D وفيتامين B12 والزنك اضافة الى فحص الغدة الدرقية، فأي نقص قد يكون سببا مباشراً لتساقط الشعر. اما الغذاء فهو شريك لا غنى عنه: البيض والاسماك والبقوليات والخضار الورقية والمكسرات وشرب الماء بوفرة، كلها عناصر اساسية للحفاظ على نمو صحي للشعر ولتعزيز حيوية الجسد.
( العناية الموضعية للشعر)
اما التفاصيل الصغيرة فتحدث فارقا كبيراً مثل تدليك فروة الرأس يوميا بخفة ينشط الدورة الدموية، واختيار شامبوهات لطيفة خالية من المواد القاسية يخفف من الاجهاد. الزيوت الطبيعية مثل جوز الهند والاركان تمنح الشعر غذاء ولمعاناً حين تستخدم كأقنعة اسبوعية، وفي بعض الحالات قد يوصي الطبيب بعلاجات طبية موضعية تساعد على اعادة النمو.
(حلول جمالية مؤقتة)
ولأن استعادة الشعر تحتاج الى وقت يمتد لاشهر طويلة، يمكن للمرأة ان تبحث عن بدائل تخفف من حرجها مؤقتا. بخاخات او بودرة لملء الفراغات، قصات شعر قصيرة مبتكرة، اكسسوارات انيقة كالربطات والعصبات والقبعات، وحتى الشعر المستعار في بعض الحالات، كلها وسائل يمكن ان تمنحها جرعة من الثقة ريثما يستعيد الشعر عافيته...
اخيرا، الى كل سيدة تمر بهذه التجربة، اقول ان تساقط الشعر ليس مجرد مشكلة جمالية عابرة، بل هو في جوهره رسالة من الجسد، نداء يطلب منا التوقف عن القلق والانصات الى الداخل. وما دامت المعاناة قد بدأت من هناك، فإن العلاج الحقيقي يبدأ من هناك ايضا وبالصبر، وبعناية متوازنة بين النفس والجسد، يمكن للشعر ان يعود الى قوته، وللمرأة ان تستعيد ثقتها بنفسها، خطوة خطوة، وكأنها تولد من جديد..