الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإستقلالية والإنتخابات والبناء

بواسطة azzaman

الإستقلالية والإنتخابات والبناء

جاسم مراد

 

بعد الاجتياح الأمريكي الغربي للعراق ، عام ( 2003) وبعد التطورات الدراماتيكية التي حصلت للاتحاد السوفيتي ودوله المتحالفة وحلف وارشو ، لم يعد في هذا العالم هناك شيئاً اسمه استقلالية ، فإذا تجاوزت دولة ما خطوط العرض للإمبراطورية الامريكية ، فإن اقل ما تفعله هو الحصار ، والحصار ليس امريكياً فحسب وإنما حصار كل القارة الأوروبية وثلاثة ارباع الشرق أوسطية ، وكل المنظومة العربية ، فلا أحد يتشاطر علينا ويتحدث برفاهية بأن دولته مستقلة ، أو أنه بإمكانيتة ، أن يحدد مسارات عمله وفقاً لاحتياجات بلده ، قد تكون هناك نسبية في الاستقلالية لبعض البلدان ، لكن ذلك لم ولن يكون مطلقاً ، وهذه غزة التي يسيل في كل مكان فيها انهار من الدماء ، أطفال ونساء وشيوخ وشباب ، والاف مؤلفة من المجوعين ، بحيث صار التجويع واحداً من أهم أسلحة الإبادة ، والعالم يصرخ أوقفوا القتال أوقفوا التجويع ، والمسلمون والعرب لا حوله ولا قوة لهم ، فإذا لم تقل الإمبراطورية الامريكية لإسرائيل ، كفى ، الم تشبعوا من دماء الغزاويين ، أوقفوا الحرب ، إذا لم تقل ذلك فلا توقف الحرب ، وهذا الأمر ينسحب على الكثير من دول العالم .

فلا أحد يستأسد علينا ، ويتحدث عن الاستقلالية ، فقد راحت كلمة ( الاستقلالية ) مع اجدادنا ، وعلينا أن نلتفت بجدية وبشيء من النباهة لأوضاعنا الداخلية والعمل على طرد الأفكار والممارسات الطائفية ، التي هي مفتاح دخول الإرهاب الى بواباتنا ، وهي كذلك مصدر تهديم بنى الوطنية وتخريب الوطن ، أما  الانتخابات البرلمانية فهي مفصلية فعلاً تقف على حافة جبهتين ، أما أن نبقى ضمن اختيارات المصالح الانانية التي بالتأكيد تولّد فروخ الفساد وتساهم في ولادة جيل اللامبالاة واللاشعليه ولا انتماء ، وهذا السلوك أضاف لعشرين سنه من الصراعات على المواقع ومن الاختيارات الخاطئة لناس في مواقع هم بالأساس ليس بمقدورهم ادارتها أو انها صارت لهم فرصة في سوق المزايدة بين الموقع وحجم المال المدفوع عنه ، بالإضافة الى عجز دورات البرلمان السابقة من الاستجابة الفعلية لحقوق المواطنين ومن الكشف الحقيقي عن السراق والفاسدين للرأي العام العراقي بسبب خضوعه للفرضيات الحزبية والشخصانية على حساب الحقوق الوطنية ومصالح البلاد ، ونتيجة لذلك فأن العودة لبرلمانات الدورات السابقة بطرق عملها وضعفها وانحيازها للكيانات والأحزاب والكتل على حساب المصالح الوطنية واستقلال العراق وبناءه وتطوره ، فكأننا لم نفعل شيئاً ،  وهذا يساهم  بما يجري في الشارع العراقي ،  من الحشد الطائفي والمناطقي والعرقي ، والقليل ، القليل من الوطنية والبرامج النافعة .

دولة كبرى

المسألة الثانية ، إن من ينشد بشيء من الاستقلالية ، عليه أن يتوجه لبلاده أولاً عبر التأكيد على الوطنية العراقية باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة لعبور الشعب ، بكل فصائله الاجتماعية والقومية والعرقية نحو تعزيز الوطن القوي القادر أن يقف أمام العالم دفاعا عن استقلاله ووحدته وعدم رضاه بل رفضه القاطع لأي اختراقات تحت أي مسميات ، أما المسألة الثالثة فمادام واقعك الاقتصادي والمالي مرهون أو تحت وصاية الدولة الكبرى التي اسميها (الإمبراطورية ) فأن موقفك السيادي ضعيف ، هنا لابد من العمل للنهوض بالاقتصاد الوطني والزراعي بصورة دراماتيكية وبقيادات مهنية وطنية مجربة ، ويجب أن لاتخضع للمزاج الحزبي ولا لمواقف الأطراف ولا للاتهامات وما اكثرها ولا لشروط المسألة ، المهم هو مخلصاً ويمكنه النهوض بمهامه على مصلحة الوطن وحاجة البلاد ، ونعتقد بعد السنوات العشرين للحكم لم يعد مجدياً عمليات التصنيف ، وإنما المهم هو توظيف الطاقات الخلاقة لصالح التنمية والسير بالبلاد نحو حقول التقدم والاكتفاء الذاتي ، وبهذا يكون للقائد الذي يقود إمكانية المناورة بين الدول لمايحقق المصالح المشتركة بين الطرفين ، وهذا ينسحب على المؤسسة العسكرية ايضاً ليكون اختياراتها على مساحة واسعة في تعزيز قدرة الجيش بأحدث واحسن الأسلحة ، لكي لا تكون حدودنا منتهكة ولاقدراتنا تعتمد على الاخرين .

العراق الان قطع مسافة مهمة في ترصين موقفه الداخلي ، وفي علاقاتها العربية ، ومع جيرانه ايران وتركيا ، ويحظى باهتمام أوروبي ودولي ، وهو بحاجة الان الى قفزة اقتصادية وتنموية وفي البنى التحتية والزراعية ، وهذا ممكن لو وضع الانسان المناسب في المكان المناسب بدون فيتو الأحزاب والكيانات السياسية ، فمن يريد العراق المتقدم والقوي والمستقل ان يوقف اللاءات الحزبية والكيانية والطائفية والعرقية ، ويضع يده بيد العراق ، والعراق وحده لكونه هو للجميع وحاضنة الجميع ..    

  


مشاهدات 117
الكاتب جاسم مراد
أضيف 2025/09/06 - 3:19 PM
آخر تحديث 2025/09/07 - 7:21 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 554 الشهر 4964 الكلي 11422837
الوقت الآن
الأحد 2025/9/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير