الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التحدّيات وفرص الفوز.. الإنتخابات القادمة والتيار المدني

بواسطة azzaman

التحدّيات وفرص الفوز.. الإنتخابات القادمة والتيار المدني

فرح صابر

 

منذ الإعلان عن الانتخابات القادمة، بدأت المحاولات لإعادة تشكيل التحالفات السياسية. ففي الوقت الذي سعت في القوى التقليدية الى المحافظة على مكاسبها السياسية والاقتصادية، تسعى القوى المدنية لتنظيم نفسها لترجمة رؤاها وبرامجها في ظل منافسة شرسة، وبيئة بالغة التعقيد. ورغم إدراك القوى المتنافسة لحقيقة ان الانتخابات القادمة، لأسباب عديدة معروفة، لن تتمكن من احداث تغييرات جذرية في بنية النظام السياسي الراهن، وإنها انما وسيلة لإعادة رسم النفوذ داخل البرلمان القادم، او بمعنى آخر «تحديد الاوزان» داخل المؤسسة التشريعية. الا ان التحديات التي تواجه التيار المدني تبدو ظاهرة ومؤثرة، والمهمّة امامها أصعب واعقد بكثير. اذ يواجه التيار المدني في العراق تحديات عدّة في الانتخابات القادمة، خاصة مع احتكار أحزاب الإسلام السياسي للمال والسلطة. فالأحزاب الحالية تمتلك موارد مالية كبيرة وأذرع اعلامية، وقواعد تنظيمية، مما يصعّب على التيار المدني المنافسة بشكل عادل. كما ان إن النظام السياسي العراقي يعاني من ازمة شرعية، وغياب ثقة الشعب في العملية الانتخابية، مما يؤثر على مشاركة الناخبين، وهو شعور يتنامى في الأوساط الشعبية. فالمعروف ان الانتخابات السابقة شهدت عزوفا من المواطنين للمشاركة في الانتخابات وصل الى اقل من 20 بالمئة حسب بعض التقارير الدولية، وهذا يعكس ظلاله على النظام السياسي العراقي نفسه، ويسرّع في تآكل شرعيته. كذلك فان الفساد والمحسوبية التي غدت جزءا من سمات النظام السياسي القائم حاليا، يفاقم من ازمته البنيوية، فإن أحزاب السلطة بسيطرتها على مقدرّات الدولة، عبر مكاتبها الاقتصادية توظف ذلك كله لتمرير خططها. فأمام امتلاك الأحزاب الحاكمة للمال والسلاح والسلطة، وعبر علاقتها الزبائنية مع جمهورها، والتي عززتها من خلال التعيينات في الوظائف العامة او الاذرع المسلحة وفرت خزينا بشريا يشكل رافدا كبيرا للأصوات الانتخابية، يمكنها عبر ذلك من التأثير في نتائج الانتخابات. وهذا يخلق تحديا للتيار المدني في محاولة اصلاح النظام السياسي. كما يمثل استمرار الوضع الراهن، بتعرجاته السياسية والاقتصادية، وعجز النظام السياسي عن اصلاح نفسه او مؤسساته كابحا آخر يضعف ثقة المواطن العراقي بإمكانية التغيير عن طريق الانتخابات او الحركات السياسية، ويدفعها للتآكل تدريجيا.   كذلك فان انسحاب التيار الصدري، ستكون له تداعيات كبيرة على الخارطة السياسية وشكلها داخل البيت الشيعي، وستقوم القوى التقليدية فيه بمليء الفراغ الذي سيتركه هذا التيار الكبير والوازن في الخارطة الانتخابية. ويظهر جليا ان تلك المعطيات، ستصب في مصلحة القوى التقليدية المهيمنة على العملية السياسية، ولن يؤدي الى أي تغيير او تجديد في بنية السلطة، وكما هو الحال في انتخابات عام 2021.

شخصيات متمرسة

في المقابل فان القوى المدنية ان كانت تريد تغييرا حقيقيا على ارض الواقع، فعليها تطوير برنامج سياسي يمكن تحقيقه على ارض الواقع ويكون مصدر جذب للناخبين، بعيدا عن الوعود الفضفاضة او الهلامية، واختيار شخصيات متمرسة بالعمل الجماهيري وتمتلك مقبولية شعبية، وقدرة على طرح برنامجها بشفافية ووضوح تسهم في رفع منسوب العملية الانتخابية لصالحها. ولعلّ أحد المهام العسيرة امام القوى المدنية هو العمل على توحيد هذه القوى لتحقيق تأثير أكبر في الانتخابات. كما ان على التيار المدني التحرك باتجاه التحفيز نحو مشاركة شعبية واسعة وزيادة الناخبين، والتوعية بأهمية الانتخابات. وفي ظل تآكل شعبية النظام، وغياب الثقة الشعبية فيه، فان امام القوى المدنية فرصة حقيقية لأثبات وجودها، وان يكون هدف القوى المدنية احداث تغيير ديمقراطي حقيقي، وإنهاء سيطرة المال والسلاح على مقدرات البلد، عبر التركيز على مبدأي الشفافية والمسائلة. والنقطة الجوهرية هنا، ان الانتخابات قد تكون مؤشرا لمدى قبول او رضا الرأي العام عن السلطة القائمة، او النظام السياسي برّمته. فتراكمات عشرين عاما من الفشل والاخفاقات جعل ايمان المواطن العراقي بالتغيير يتآكل سواء بالعملية السياسية نفسها او مخرجاتها، وفي مقدمتها الانتخابات، وهذه لحظة التحول الحقيقية امام القوى المدنية لالتقاط هذه الفرصة والعمل باتجاه التغيير الحقيقي. فإذا لم تحشد القوى المدنية والقوى المستقلة امكانياتها الذاتية فستبقى الانتخابات القادمة رهينة إرادة التحالفات الكبيرة، وشروط اللعبة الطائفية، مثلما ستعمق الانقسام السياسي، وترسخ منطق الأستقطابات الحادة، وبقاء الوضع الراهن كما هو.

 

 


مشاهدات 31
الكاتب فرح صابر
أضيف 2025/08/03 - 2:41 PM
آخر تحديث 2025/08/04 - 8:11 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 315 الشهر 2493 الكلي 11277579
الوقت الآن
الإثنين 2025/8/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير