العراقيون العالقون في الخارج

دعاء يوسف

بين ليلة وضحاها، وجد آلاف العراقيين أنفسهم عالقين خارج حدود الوطن، بعد أن أُغلقت الأجواء العراقية بسبب التوترات العسكرية الأخيرة. توقف الطيران، أُلغيت الرحلات، وتعطلت خطط السفر، بينما يعيش المواطنون في دول مختلفة مأزقاً حقيقياً بين حجوزات فندقية غير قابلة للاسترداد، وتأشيرات أوشكت على الانتهاء، ووظائف تنتظرهم في الداخل.تقول إحدى المواطنات العراقيات: “اشترينا تذاكر الطيران، ودفعنا للفندق، ورتبنا كل شيء للعودة إلى العراق، لكن فجأة أُغلقت الأجواء وعلقنا هنا. من يعوضنا عن هذه الخسائر؟ نحن لا دخل لنا بهذه الحروب، فلماذا ندفع ثمنها؟”مشاعر الإحباط والغضب تتكرر على ألسنة كثير من العالقين. البعض خرج للعلاج، والبعض للدراسة أو للسياحة، وإذا بهم في مواجهة مصير غامض دون دعم أو توضيح من الجهات المعنية.بعد سنوات من الحروب والنزاعات، بدأ العراقيون يلتقطون أنفاسهم، وبدأ البلد يتعافى تدريجياً، لكن الأزمات الإقليمية أعادتهم مجدداً إلى المربع الأول. العراق أصبح مرة أخرى ضحية لصراعات تتجاوزه، والمواطن هو أول من يدفع الثمن.يؤكد أحد المحللين السياسيين أن المواطن العراقي يدفع ضريبة الجغرافيا والسياسة منذ عقود، قائلاً: “في كل مرة يتأزم الوضع الإقليمي، ينعكس مباشرة على حياة العراقيين، دون أن يكون هناك خطط طوارئ أو آليات تعويض واضحة من الدولة.”ورغم مرور أيام على الأزمة، لم تصدر الجهات الرسمية أي توضيحات شافية، ولم تُطرح حلول بديلة للعالقين، ولا حتى مبادرات لتعويض المتضررين. المواطن وحده في الميدان، يتحمل الخسائر المالية والنفسية، ويواجه العجز الكامل في تلبية احتياجاته أو العودة إلى وطنه.

يطالب كثير من المواطنين بضرورة إنشاء صندوق طوارئ خاص بالعراقيين المتضررين من الأزمات الخارجية، وتفعيل دور السفارات العراقية لتأدية واجبها في مثل هذه الظروف. كما يناشدون الحكومة بالتنسيق مع شركات الطيران والدول المجاورة لتوفير ممرات جوية مؤقتة، أو حتى خطوط مساعدة فورية. ويبقى السؤال معلقًا: إلى متى يبقى العراقي يدفع ثمن الحروب والنزاعات، سواء داخل بلاده أو خارجها؟ ومن يُنصف ضحايا الظروف الذين لم يحملوا السلاح، بل فقط حملوا جواز سفر عراقي؟