لماذا الموصل ؟
طورهان المفتي
في مثل هذا اليوم من سنة 2014 استيقظ العراق والموصل على خبر سيطرة قوى الظلام والارهاب على مدينة الموصل لتعلن من هناك قوى الظلام دولتهم المزعومة.
بدأت القصة منذ سنوات سبقت سنة 2014 من تظاهرات واحتجاجات مختلفة المسميات في الموصل ومناطق مختلفة من العراق . حيث ستكون هذه السلوكيات فيما بعد منفذاً وفرصة سانحة وليتم استغلال هذه التحركات وللتوغل كل مَن لا يريد خيراً للعراق لتتهيأ الارضية هناك ولينهار الوضع الامني المختل اصلاً في تلك الفترة ، ليدخل الارهاب تحت مسميات اصطنعوها فتارة باسم ثوار العشائر واخرى باسم (المقاومة) واخير اً تحت ستارة الدين (وهو منهم براء) .
لماذا الموصل؟
الذين خططوا لهذا الامر الجلل من الذكاء بمكان ذلك انه بالسيطرة على مدينة الموصل ستتم السيطرة على مقدرات وحيثيات غاية في الاهمية من الناحية الاقتصادية والجغرافية والإنسانية ،وما يهمنا هنا هو الجانب التراث الانساني حيث ان مدينة الموصل يحتوي سجل الحضارة البشرية منذ الفترة السومرية وقبلها وصولا إلى فترة (الحلف الاثرية ) وكما هي في منطقة (تل الأربجية ) والتي تعود إلى اكثر 5000 سنة قبل الميلاد كما هناك دلائل باستيطان مدينة نينوى الاشورية من الفترة السومرية وقبل ظهور دولة اشور .
مما يعني سجل الانسانية منذ خمسة الالف سنة قبل الميلاد . بدءًا بفترة الحلف وصولا بسومر ومرورا بأشور .
والموصل كمدينة تحتوي على الكنائس المسيحية الموغلة بالقدم واثار اديان اخرى كثيرة وهذا يعني استمرار سجل الانسانية بعد الميلاد ،والموصل كمدينة تحتوي على اثار الخلافة الاسلامية الراشدة وخطوة الامام علي ( عليه السلام ) وايضا تحتوي على مساجد ومدارس من العصر الاموي والعصر العباسي والعصور الاسلامية اللاحقة .
فمدينة الموصل سجل حضاري مستمر لسبعة الاف سنة واين ما جلستَ ورحلت وارتحلت في المدينة ستجد امامك شاخص اثري وحضاري ولو التقطتَ اي قطعة حجر ففيها جزء من قصة الحضارة هناك .
الموصل المعروف بجامعته العملاقة العتيقة ومكتبتها الاكاديمية التي ان لم تكن الاكبر بالعراق فاجزم انها كانت ثاني اكبر مكتبة في البلاد .
في الموصل جميع نحل وملل ارض الرافدين ففي محلة واحدة او ما تسمى (العوجاية) ستجد كنيسة وجامع.
شعور وطني
في الموصل مراقد لعدد من الانبياء مثل النبي يونس وشيث وجرجيس (عليهم السلام).
في الموصل ستجد هيجان الشعور الوطني في حب العراق كبقية ارض الرافدين ولو اسهبنا في ذكر المدينة لطال المقال.
سيطرة داعش وانهيارها .
داعش بسيطرتها على الموصل ارادت السيطرة على الانسانية ومن خلال تدمير شواخص المدينة قصدوا تدمير الانسانية ورسالتها المميزة .
الا ان المدينة ظلت ابية على الغزاة كعادتها ولتشمر السواعد السمر من جميع انحاء ارض الرافدين من زاخو الى الفاو وليهب الرجال لنصرة موصلهم موصل ارض الرافدين ولتدعم هذه التحركات العسكرية بفتوى السيد السيستاني (دام ظله )ولتعقب وتتزامن مع تلك الفتوى فتاوى جميع المراجع الاخرى السنية و الاديان الاخرى ولتتحرر المدينة بعد سنوات .
و لتبدء بعد التحرير مباشرة حملات الإعمار منبثقة من كل ارض الرافدين باتجاه هذه المدينة ولشواخصها واثارها التي فجرتها الارهاب بقصد محو سجل الانسانية ولترجع مدينة الموصل درّة في تاج سجل الحضارة الانسانية كما كانت وستكون وستبقى.
وليرجع العراق سالماً معافى بتضحيات رجالاته وبرفرفة ارواح شهداء الوطن حوله وليستمر الإعمار والاستقرار ويرجع العراق إلى وضعه الطبيعي بين الامم .
المجد والخلود والجنة لشهداء ارض الرافدين الذين ساهموا في دحر الارهاب من الجيش والشرطة والحشد والبيشمركة ورجال العشائر . الذين سطروا بحق أسطورة حب الإنسانية وعشق الارض والذود عن حياض الوطن .