الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مرايا

بواسطة azzaman

مرايا

هدى جاسم

 

تمعنت في وجهها قبالة مراّتها وهي تتذكر اول ايامها في رحلة امتدت سنوات طويلة بين غربة وخطوات سريعة علها تلحق بركب من احبت وتوهمت انه خلاصها من سنوات الوجع.

اطلت في ذاكرتها على سيدة تجلس قبالة الموقد النفطي لتصنع بعضا من وصفات تليق بفقرها.. ثم التفتت الى اطفال يكبرونها بالعمر يدورون حول الموقد مرة ومرات في حديقة تلتف حولها الالعاب دون ان يجرؤ احد منهم على الاقتراب منها.

امسكت بالمراّة بقوة محاولة ان تعيد تلك الذاكرة الى ماكانت عليه قبل ان تعبر الخطوط البيض بين خصلات شعرها الفاحم، لكنها تكسرت معترضة على كل قراراتها في الحياة التي اودت بها الى هذه النهاية، فنصفها الاخر ظلمها بانانيته ونرجسيته، وهي لم تعترض بأدراك خاطئ ان الحياة ستمنحه درسا ويعود الى رشده ويقف الى جانبها نحو حلم تريد ان تحققه.

كبرت الطفلة في داخلها وشاخت.. صارت تتعثر بالقسوة وبكلمات لم ترد على مسامعها من قبل.. قارنت بين موقد المرأة الفقير وقلبها المشتعل بالانتظار، لكنها لم تجد غير نيران لا تنطفئ ابدا واصوات تحاول قضم اخر ما تبقى لها من حلم يمر عليها كل يوم دون ان تحققه.

مع الوقت اعتادت القسوة وسياط الجلاد، وكلما ازدادت الوحشة من حولها ابتاعت مراّة جديدة لتسترجع ذاكرتها وتعيش على ماتبقى لها من امنيات.

فجأة صرخت واستفاقت من حلمها الطويل ،قررت ان تكسر المرايا وتحطم اخر امانيها باعتدال طريق مشت فيه، قررت ان تسلك طريقا بمفردها تضم طفولتها التي توجعت بالفقر وشبابها الذي اغتاله حلم غريب.

استفاقت ولو بعد فوات الاوان، قالت في نفسها ساكون امرأة باجنحة تحلق في ربوع بعيدة عن قسوة دامت طويلا وساشتري مراّة بلا ذاكرة.. اطلق العنان لخصلات شعر بلا بياض.. ارسم على الجدران صورتي وانا جزء من عالم بلا سياط.. ساعود الى ماكنت عليه قبل ثياب الحداد على ماتبقى من احلامي.

 

 


مشاهدات 126
الكاتب هدى جاسم
أضيف 2025/06/14 - 1:46 AM
آخر تحديث 2025/06/14 - 10:46 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 536 الشهر 9440 الكلي 11144094
الوقت الآن
السبت 2025/6/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير