الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لغة الإشارة تتصدر مشهد قمة شرم الشيخ الأخيرة

بواسطة azzaman

لغة الإشارة تتصدر مشهد قمة شرم الشيخ الأخيرة

نبراس المعموري

 

جاءت قمة شرم الشيخ للسلام، التي عُقدت في 13 أكتوبر 2025، بعد سنتين تقريبًا من الحرب والمواجهات في الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة. لقد شهدت القمة مشاركة لافتة للانتباه بوجود زعماء ودول وسطاء عدة ناقشوا سبل تثبيت وقف إطلاق النار، وتسهيل المساعدات الإنسانية، ووضع أسس لمفاوضات لاحقة حول “حل الدولتين”، بالرغم من غياب وفدي إسرائيل وحماس رسمياً، ومن ثم توقيع وثيقة دعم لوقف إطلاق النار في غزة.

لم تقتصر أهمية القمة على البعد السياسي فحسب، بل امتدت إلى البعد الرمزي والإعلامي، بعدما تصدّرت لغة الجسد والإشارات السياسية المشهد التحليلي بجدارة.

ففي السياسة، تُعَدّ الإشارة أداة دبلوماسية غير منطوقة، وقد أصبحت جزءًا من الخطاب السياسي الحديث، وهو ما ظهر بوضوح في أربعة مشاهد رئيسية:

مؤتمر صحفي

1. مصافحة “التحفظ” بين الوفدين المصري والأمريكي

في الجلسة الافتتاحية، وثقت الكاميرات مصافحة وزير الخارجية المصري لنظيره الأمريكي بطريقة رسمية جدًا، بيدٍ ممدودة فقط دون ملامسة الكتف أو الابتسامة الواسعة المعتادة. ورأى محللون أن هذه المصافحة “المتحفّظة” كانت إشارة إلى برود مؤقت في التنسيق بين الجانبين بشأن بنود وقف إطلاق النار، ولا سيّما ما يتصل بمراقبة المعابر الحدودية في غزة.

2. الإيماءة الصامتة من المبعوث التركي

خلال المؤتمر الصحفي، رفع المبعوث التركي حاجبيه مع حركة يد محدودة عندما ذُكر ملف “التطبيع مع إسرائيل”.

وقد ترجمت وسائل الإعلام التركية هذه الإيماءة على أنها رفض ضمني لأي خطوة تطبيعية قبل وقف كامل لإطلاق النار.

إنها إشارة صغيرة، لكنها حملت مضموناً سياسياً قويًا، تمامًا كما يفعل الرئيس التركي أحياناً في خطاباته حين يلوح بيده اليمنى في وضع “الراحة الحازمة”.

3. الأسلوب الأمريكي المستوحى من مدرسة ترامب

ربما أكثر ما أثار الجدل كان أسلوب ممثل الولايات المتحدة، الذي استخدم لغة جسد مشابهة لتلك التي اشتهر بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

من الإشارات الحادة بالأصابع أثناء الشرح، إلى الانحناءة الخفيفة للأمام عند المخاطبة، مما فُسّر على أنه تأكيد على القوة والثقة، لكنه في الوقت نفسه يحمل نزعة لفرض النفوذ. وقد علّق أحد المراسلين بأن “الولايات المتحدة تحدثت بلغة ترامب، دون أن يكون ترامب حاضرًا”.

4. مشهد الصورة بين ترامب والسوداني: “إشارة الإبهام” تتحدث

أحد أبرز المشاهد التي خرجت من قمة شرم الشيخ الأخيرة كانت الصورة التي جمعت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والتي سرعان ما تصدرت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. ففي الصورة، يظهر الزعيمان ببدلتين رسميتين داكنتين، ويتشاركان إيماءة رفع الإبهام — وهي إشارة جسدية شهيرة في البروتوكولات السياسية، لكنها تحمل دلالات متباينة في سياقها الدبلوماسي.

رأى خبراء في لغة الجسد في هذا التطابق أكثر من مجرد صدفة. فترامب يستخدم “إبهامه المرفوع” عادةً كرمز للقوة والسيطرة، بينما ترافقه ميلة طفيفة للأمام وابتسامة ثابتة، وهي عناصر تدل على الثقة المفرطة بالنفس. أما السوداني، فبدا محافظاً على وضع جسدي أكثر استقامة وثباتاً، مما يشير إلى حرصه على التوازن وإظهار الندية في الموقف، بدلًا من الخضوع الرمزي أو التبعية. وفي النهاية، عكست الصورة توازناً محسوباً في لغة الإشارة بين الطرفين.

 ختاماً… لقد أثبتت قمة شرم الشيخ الأخيرة أن السياسة لا تُقال فقط، بل تُشار وتُعبَّر عنها بالجسد أيضًا. فـ لغة الإشارة السياسية من المصافحة إلى النظرات كانت عنوانًا لمرحلة جديدة من الدبلوماسية الصامتة، حيث الكلمة ليست دائمًا ما يُقال، بل ما يُلمَّح إليه.

وربما تكون هذه القمة بدايةً لوعيٍ أكبر بأن لغة الإشارة السياسية أصبحت أداة من أدوات التفاوض، وأن من يقرأها جيدًا يفهم نصف الحقيقة قبل أن تعلن رسميًا.


مشاهدات 80
الكاتب نبراس المعموري
أضيف 2025/10/14 - 3:46 PM
آخر تحديث 2025/10/15 - 3:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 101 الشهر 9632 الكلي 12149487
الوقت الآن
الأربعاء 2025/10/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير