الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قمة شرم الشيخ 2025.. محاولة لإحياء سلام ميت؟

بواسطة azzaman

قمة شرم الشيخ 2025.. محاولة لإحياء سلام ميت؟

مروان صباح الدانوك

 

عادت مدينة شرم الشيخ المصرية، التي لطالما اقترنت بالسلام والمفاوضات الدولية، إلى الواجهة السياسية من جديد، باستضافتها لقمة دولية طارئة جمعت قادة من الشرق والغرب، وعلى رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأميركي السابق والعائد إلى المسرح الدولي دونالد ترمب وذلك في ظل تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة. القمة التي عُقدت امس في 13 أكتوبر 2025، جاءت في أعقاب اتفاق هش لوقف إطلاق النار برعاية ترمب، دخل حيز التنفيذ قبل أيام قليلة وقد حاولت القمة رسم ملامح المرحلة التالية للصراع ووضع إطار دولي للتعامل مع الوضع الإنساني والسياسي في غزة إلا أن غياب الطرفين الأساسيين ( إسرائيل وحماس ) جعل من القمة أشبه بمحاولة لتثبيت الرؤية الدولية أكثر من كونها مفاوضات مباشرة لحل النزاع. ومن المثير أن تكون عودة ترمب السياسية من بوابة “السلام” وهو الذي كان يُتهم دائما بالانحياز التام لإسرائيل، خصوصا خلال فترة رئاسته الأولى لكن يبدو أن ترمب يحاول اليوم إعادة تسويق نفسه دولياً كرجل صفقات قادر على إنهاء الحروب، خصوصاً وهو يقترب من موسم انتخابي أميركي مصيري في 2026، ولعل تبنيه اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وافقت عليه إسرائيل وحماس بوساطة مصرية، كان الخطوة التي أراد من خلالها فرض حضوره في منطقة تحوّلت إلى ساحة ملتهبة بعد فشل كل الجهود السابقة، سواء كانت أوروبية أو أممية.

وضع انساني

الرئيس السيسي، من جهته، استثمر موقع مصر الجغرافي وصلاتها مع جميع الأطراف للعب دور الوسيط المقبول، رغم أن المناخ الإقليمي والدولي لا يخدم جهود التهدئة على المدى الطويل، القاهرة تسعى لتأمين حدودها، ومنع انهيار الوضع الإنساني في غزة، لكنها أيضاً تدرك أن أي ترتيبات سياسية دائمة تتطلب توافقا فلسطينيا داخليا لا يزال بعيد المنال. رغم أهمية الحضور الدولي، فإن غياب (إسرائيل) بحجة التزام ديني (وحماس) التي لم تُدعَ رسمياً جعل القمة تفتقد أحد أهم شروط النجاح وهي المواجهة المباشرة ومع ذلك، كان كل بيان ومداخلة ورسالة في القمة موجهة إليهم بشكل غير مباشر، ما يعكس حجم المأزق السياسي الذي يعيشه المجتمع الدولي عند التعامل مع هذا الصراع المزمن. من الناحية التحليلية، يمكن القول إن قمة شرم الشيخ 2025 ليست قمة حلول، بل قمة رسائل سياسية رسائل أرادت واشنطن والقاهرة إيصالها إلى المعنيين تقول فيها: أن العالم لم يعد يحتمل مزيداً من الحروب المفتوحة، وأن هناك نية دولية لإدارة الأزمة وإن لم يكن حلها جذريا.

لكن السؤال الحقيقي يظل قائماً: هل يمتلك ترمب أو السيسي أو أي طرف إقليمي القدرة على فرض ترتيبات دائمة في غزة؟ وهل يمكن بناء سلام حقيقي في ظل استمرار الاحتلال، والانقسام الفلسطيني، والسقف المنخفض للشرعية الدولية؟

ما لم يُعاد النظر في جذور الصراع وليس فقط آثاره ستبقى غزة عنواناً دائما للفشل السياسي الدولي وربما تكون قمة شرم الشيخ بداية تحريك جديد للمياه الراكدة، لكنها لن تكون كافية ما لم تتبعها قرارات شجاعة تتجاوز الحسابات الضيقة، وتستند إلى حقائق الأرض لا فقط بيانات الفنادق الفاخرة.


مشاهدات 71
أضيف 2025/10/14 - 3:44 PM
آخر تحديث 2025/10/15 - 3:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 102 الشهر 9633 الكلي 12149488
الوقت الآن
الأربعاء 2025/10/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير