فم مفتوح .. فم مغلق
مقترح بإستقّطاع 50 بالمئة من رواتب هؤلاء
زيد الحلي
في مشهد يندى له الجبين، ويتفطر له القلب، تزايدت في الآونة الأخيرة حالات مرعبة من العقوق، حيث يُلقى الآباء والأمهات على حد سواء، في الشوارع أو يُزج بهم في دور العجزة، على يد أبنائهم الذين يفترض أن يكونوا سندهم وعونهم. والمأساة الأكبر أن كثيرا من هؤلاء الأبناء ميسورو الحال، يعيشون في رغد ورفاهية، بينما يتركون من أنجبهم وربوهم يواجهون مصير الوحدة والذل والحرمان.
أي قلب هذا الذي يقسو على أم سهرت الليالي من أجل طفلها، وأب أفنى عمره في تأمين لقمة العيش له؟ أي ضمير يسمح بترك والديه ، وهما في أمس الحاجة لمصير مجهول، بينما ينفق الابن الأموال على ملذاته؟ إنها ليست مجرد حالات فردية… إنها جريمة أخلاقية مكتملة الأركان، وجب أن نتصدى لها قبل أن تتحول إلى وباء اجتماعي.
إنني اقترح ، وبكل وضوح أن تتبنى الدولة تشريعا رادعا يتضمن:
1. استقطاع 50 بالمئة من راتب أي موظف يثبت أنه تخلى عمدا عن والديه أو أحدهما، وتحويل المبلغ لصالح الوالدين.
2. فرض ضريبة دخل مرتفعة على من يعملون في القطاع الخاص في حال ارتكابهم هذا الجرم، وتوجيه العائدات بالكامل لدعم الوالدين المتضررين.
3. متابعة قضائية وإعلامية للحالات المثبتة، مع نشر قصصها الموثقة عبر وسائل الإعلام لردع كل من يفكر في تكرارها.
فكما يحمي القانون الأبناء من إهمال والديهم، آن الأوان أن يحمي الآباء والأمهات من جحود أبنائهم، وأن تصبح هذه الحماية جزءا من ميثاقنا الاجتماعي والإنساني.
ولنكن صريحين… الكلمات الناعمة والمواعظ وحدها لم تعد تكفي ، نحتاج إلى صدمة مجتمعية توقظ النائمين من سباتهم القيمي .
هذه الدعوة ليست فقط للدولة، بل لكل مؤسسات المجتمع: الإعلام، المدارس، الجامعات، دور العبادة… لتذكير الناس بأن بر الوالدين ليس فضلا أو إحسانا، بل فرض أخلاقي وديني وقانوني. وأن من يطرد والديه إنما يطرد نفسه من دائرة الإنسانية.
يا أبناء اليوم… تذكروا أنكم غدًا ستكبرون، وستحتاجون إلى من يمد لكم يد العون. فكما تدين تدان، ومن يزرع الجحود سيحصد الألم..
فلنقف جميعًا في وجه هذا العار، ولنجعل من جحود الوالدين جريمة مشهودة لا مهرب منها، قانونيا وإعلاميا واجتماعيا.
Z_alhilly@yahoo.com